عنوان الفتوى : السلام على أهل الكتاب واتخاذهم أصدقاء
شيخنا الفاضل:
صدر لكم كتاب حول مشروعية السلام على أهل الكتاب ومدى أهميته في الانفتاح على غير المسلمين، فهل السلام على اليهود (وهم أهل كتاب) ينطبق عليهم الأمر نفسه رغم كل ما بيننا وبينهم من عداء؟
سؤال آخر: هل يجوز أن أتخذ كتابيًّا صديقاً حميماً لي؟
في كتابي (السلام على أهل الكتاب) رجحت أن الابتداء بالسلام هو الأصل، ولكني ذكرت أيضاً أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابتداء اليهود بالسلام كان نتيجة لوجود حالة حرب بينهم وبين المسلمين، أو كان نتيجة لأنهم يستغلون بدء المسلمين بالسلام فيردون عليهم بعبارات سيئة أو يبدءونهم بمثل هذه العبارات كأن يقولوا: (السام عليكم) بدل السلام أو يقولوا: (وعليكم السام) بدل وعليكم السلام. والسام هو الموت. فكان المسلم إذا بدأ اليهودي بالسلام يرد عليه بالدعاء عليه بالموت، ولذلك نُهي المسلم أن يبدأ بالسلام، وأُمر إذا بدأه اليهودي بذلك أن يقول له: (وعليكم) لأنه قد يكون قال (السام عليكم) بدل السلام عليكم. وبناء على ذلك فإن حالة الحرب الموجودة بيننا وبين اليهود في فلسطين المحتلة تمنع من إلقاء السلام عليهم. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ليلة الخروج إلى بني قريظة: (إنا غادون غداً إلى بني قريظة فلا تبدءوهم بالسلام).
أما اتخاذ الكتابيين أصدقاء بمعنى التعامل معهم بصدق وإخلاص وبمكارم الأخلاق فهو أمر جائز، لكن الصداقة الحميمة تعني مودة كبيرة، والأصل أن مثل هذه المودة لا تكون إلا لمسلم، وقد يكون بينك وبين صديقك الكتابي مودة جزئية وليست مودة شاملة أو حميمة كما لو كنت تحب فيه بعض الصفات الطيبة كالصدق والوفاء بالعهود وما إلى ذلك، فإن مثل هذا يؤدي إلى نوع من المودة لا حرج فيه ولكنها ليست مودة كاملة.