عنوان الفتوى : جواز إمامة الصبي
ما حكم إمامة الصبي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إمامة الصبي قد ذهب إلى صحتها الشافعي، وعن مالك فيها رويتان الإجزاء مع الكراهة في الجميع، والصحة في النفل دون الفرض، كرهها مالك، وفيها عند كل من أبي حنيفة وأحمد روايتان والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض. ودليل المجيزين حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه وفيه أنه أمَ قومه وهو ابن ست سنين أو سبع سنين. رواه البخاري. ولا يعترض على هذا بما رواه عبد الرزاق من حديث ابن عباس مرفوعاً: "ولا يؤم الغلام حتى يحتلم" فقد صرح ابن حجر في الفتح بأن إسناده ضعيف. وينبغي أن لا يقدم الصبي للإمامة عند من أجاز ذلك إلا إذا كان هو أكثر المصلين قرآنا، لحديث: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " أخرجه مسلم وأصحاب السنن. وقد أجاب من قال إنها تجزئ في النافلة دون الفرض بأن عمرو بن سلمة يحتمل أنه كان يؤمهم في النافلة، لأن الفريضة لا تجب عليه أصلاً والجماعة لا تنعقد به. لكن نفس الحديث يرده لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً " وفيه: فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيدهم. والحاصل أنه لا شك في أن الراجح جواز إمامة الصبي في الفرض والنفل إذا كان هو أقرأ القوم لكتاب الله لحديث عمرو هذا، ودعوى أنه كان يؤمهم في النفل غفل مدعيها عن نقاط في الحديث تردها من أصلها وهي: فإذا حضرت الصلاة، وذلك من وجهين لأن الصلاة حيث أطلقت انصرفت إلى الفريضة، وعلى فرض أنها لم تنصرف إليها فلا أقل من أن تكون داخلة في عموم الصلاة لأنها اسم جنس معرف بأل فهو يعم جميع أفراده وأن قوله "إذا حضرت" دال على أنها صلاة موقوتة وتلك من خواص الفرائض غالباً. "فليؤذن أحدكم" ومن المعلوم أن النوافل لا يؤذن لها. بل مجرد أمره لهم أن يصلوا جماعة دال على أن هذه الصلاة فرض لأنه لم يعهد منه –صلى الله عليه وسلم – أن يأمر بأن تصلى صلاة النافلة جماعة، وليست دعوى من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع على ما فعله هؤلاء من تقديم الصبي للصلاة بهم بأوفر حظاً من الصواب من التي قبلها لأن الصحابة ما كانوا ليقروا على فعل الخطأ والوحي ينزل، كما قال جابر وغيره في مسألة العزل: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل" متفق عليه.
والله أعلم.