عنوان الفتوى : المقصود بقارئ القرآن الذي ينال الثواب الدنيوي والأخروي
في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (يقال لقارى القرآن يوم القيامه اقرأ ورتل....إلى آخر الحديث)، فهل يكون هذا الحديث لحفظة كتاب الله فقط، وهل يكون للذين يداومون ويلازمون على قراءته كل يوم، أم هو لهما معا، قال صلى الله عليه وسلم: في حديث لا أذكره ولكن بمعناه (أن القران يأتي يوم القيامه شفيعا لأصحابه) من هم أصحابه، وهل يأتي حجه(عليهم)لا لهم، متى يكون ذلك، وهل يكون للذين يداومون ويلازمون قراءته كل يوم، فهل يكون هذا الحديث لحفظة كتاب الله فقط، أم هو لهما معا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقال لقارئ القرآن: اقرأ ورتل وارتق كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. والمقصود بقارئ القرآن في الحديث هو الذي يقرؤه حق تلاوته فيعمل بأحكامه ويأتمر بأوامره ويزدجر بنواهيه رغبة فيما عند الله من ثواب، وهو يشمل من قرأه مِن حفظه أو من المصحف، وظاهر اللفظ العموم وفضل الله واسع.
أما الحديث الآخر فرواه مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. فأصحابه: من يقرؤونه ويعملون به ويؤمنون بمحكمه ويسلمون لمتشابهه ويقومون به آناء الليل وأطراف النهار، فيشمل الحفظة وغير الحفظة، قال الإمام الخطابي: أهل القرآن في عرف الناس هم القراء والحفاظ دون العوام. وقال علي القاري: أهل القرآن بحسب اللغة يتناول كل من معه شيء من القرآن ولو كان آية، فيدخل فيه الحفاظ وغيرهم.
أما قولك: هل يأتي حجة عليهم لا لهم؟ ففي حديث أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان..... والقرآن حجة لك أو عليك. فقد بين النبي في هذا الحديث أن القرآن قد يكون حجة لصاحبه إن قرأه وعمل به، وقد يكون حجة عليه إن قرأه ولم يعمل به، بل يكون في القارئ حينئذ شبه من اليهود، قال الله تعالى في وصفهم: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ {البقرة:78}، قال ابن عباس: إلا تلاوة فقط. قال الإمام النووي: ومعناه -أي الحديث- ظاهر أي تنتفع به إن تلوته وعملت به؛ وإلا فهو حجة عليك. انتهى.
والله أعلم.