عنوان الفتوى : صفات من يؤخذ عنه العلم
بسم الله الرحمن الرحيم أنا شاب منّ الله علي أن اصطفاني عن باقي عباده بطلب العلم الشرعي في هذا البلد الذي حوصر علماؤه منذ عقود عديدة وهو الآن يئن تحت وطأة الجهل والضلالة، وبما أن الحال كذلك فالحصول على شيخ يرسم لك طريق الهداية أمر يكاد يكون مستحيلا لأن المجالس يجب أن تكون سراً وإلى غير ذلك من العقبات، فسؤالي يتمثل في هذا العالم الذي طلب العلم في المدينة المنورة التي نسأل الله أن يرزقنا العيش فيها وحضور مجالسها، حيث إن لهذا العالم فتاوى غريبة وتصرفات غير لائقة، أولاً لا يراعي حال طلبته في الوقت حيث إن مجالسه تكاد تكون بالكلية في الثلث الأخير من الليل أو حتى بعد صلاة الصبح بدون مراعاة حال الذين سيلتحقون بأعمالهم التي تستوجب السفر 150 كيلو متراً للحاق بها وحجته في ذلك عليكم بالصبر والاتعاظ بقصص السلف في طلب العلم كابن عباس رضي الله عنه، مع العلم بأنه لا يسمح لنا بالغياب أكثر من 3 مجالس أيا كانت الحجة وإلا فالفصل ينتظرنا، ثانياً: أحل لنفسه وللعلماء سماع الموسيقى، ثالثاً: حدد العورة خارج الصلاة بما تغطيه الملابس الداخلية "سليب" ولا تكون من السرة إلى الركبة إلا إذا استحيينا من الطرف المقابل، رابعاً: يتكلم أحياناً كلاما بذيئاً ودليله أنه لم يأمرنا بذلك "فبهداهم اقتده"، خامساً: يلبس الذهب واللباس الفاخر الذي ينفق عليه أحياناً أموالاً طائلة ولا يأمرنا بلباس الذهب، سادساً: كثير الشك حتى على مستوى طلبته ولا يحسن الظن بالناس، سابعاً: يأمرنا أحيانا بالذهاب معه إلى البحر وهو كعادته في حلة العري يتبختر وينفق الكثير من المال ونحن كالعادة علينا باتباعه فمنا من لا يطيق تلك المصاريف ولا يستطيع الرفض لأنه سبق أن ثار علينا وقال تأخذون حاجتكم وتذهبون، ثامناً: يتفرج على المسلسلات والنساء المتبرجات بدعوى أن الذي يحرم في النظر إلى الصورة هو العورة المغلظة، تاسعاً: يذهب للسهر في مناطق الاختلاط حيث يكثر الغناء والعراء الفاحش والسائحات الكافرات العاهرات هذا زيادة إلى غلاء الأسعار في هذه المناطق، عاشراً: إذا قرر قطع أحد أمرنا بقطعة وإلا قطعنا، الحادي عشر: قال لنا إن الأضحية فرض عين على كل مسلم قادر على تحصيل ثمنها من مصروفه الخاص مدة سنة، الثاني عشر: يقول إن الله منّ عليه برؤى صادقة فإن رأى رؤية لا بد من أن تتحقق، الثالث عشر: كثير ذكر كلمة نحن العلماء، الرابع عشر: إذا رأى الخطأ لا يصلحه إلا بالصوت العالي والشتم وإطلاق صفة الجهل على المخطئ... وإلى غير ذلك من المسائل التي تفرد بها دون غيره من السلف الصالح كحكم الحدث والعرس وغيرها، أنه كثير الازدراء ببقية العلماء والدعاة وكأن يصفهم بالجهل إلا لبعض من علماء السعودية كابن عثيمين وبن حميد ويصنفهم في قائمة الفقهاء والعلماء لا المجتهدين... وفي يوم سألته عن بعض العلماء كالألباني وابن باز فقال لي أنهم غير ثقات ولكن اقرأ لهم كتبهم وعندما نتقدم في المجالس سأبين لكم أخطاءهم ولكن ليس علينا أن ننكر فضل علمه وما علمه لنا من الأمور التي نحتاج إليها كثيراً من حياتنا ومعاملاتنا فهو أحيانا يفسر الآية الواحدة في 3 و4 مجالس ويخرج العديد من الاستنبطات، عندما تراه يفسر الآيات ويسبح في المعاني تحس بصدقه وإخلاصه وغيرته على هذا الدين الحنيف فهو يتشدد في الكثير من المسائل حرصا وخوفا من الوقوع في الشبهات، فما هو العمل في ظل هذه الظروف القاسية خاصة أنه الوحيد الذي أعرفه من العلماء، وهل سؤالي هذا يعتبر غيبة له؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يؤخذ منه العلم إنما هو العالم الورع السليم في معتقده العارف بما يدرسه، والذي ذكرته عن هذا الرجل من استماع للموسيقى والأغاني ولبسه للذهب، وسوء الظن بالناس والعري والتبختر في مشيه، ومتابعة المسلسلات والنظر إلى النساء المتبرجات، وسهره في الأماكن المختلطة، وأماكن الكافرات والعاهرات، وازدرائه بالعلماء والدعاة وغير ذلك من الصفات التي ذكرتها عنه كلها أمور تنافي الورع والتواضع وأخلاق أهل العلم.
وإذا كان الذي ذكرته عن هذا الشيخ صحيحاً فلا خير في اتباعه أو مصاحبته، لأنه لا يؤمَن أن يدرِّس معلومات خاطئة، وأن يعدي طلبته بتلك الأخلاق والممارسات السيئة، والآثام والمعاصي التي ذكرت أنه لا يتركها.
ثم ما دليلك على علمه وفضله بعد كل ما ذكرته عنه، وما الدليل على أن تفسيره واستنباطاته من الآيات كانت صحيحة، وأي صدق وإخلاص للدين وغيره بعد كل هذا، وأي شبهات يخافها مع انغماسه في تلك المحرمات، إن هذا -حقا- تناقض واضح.
وبناء على هذا؛ فالواجب عليك وعلى من يريد العلم أن يتجنب هذا الشيخ ويبحث عن غيره، وإن لم يكن يوجد في البلد من يصلح للتعليم فالواجب السفر طلباً للعلم، فقد روى الإمام مالك وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلب العلم فريضة على كل مسلم. الحديث صححه الألباني.
والغيبة هي: ذكرك أخاك بما يكره، وقد حرمها الشرع الحنيف، قال الله تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا {الحجرات:12}، وعدها العلماء من كبائر الذنوب، وهي مباحة في الجرح والتعديل للرواة والشهود وفي حال المجاهرة بالفسق، وعند التظلم، وللاستعانة على تغيير المنكر، والاستفتاء، والتحذير، والتعريف... وراجع فيها الفتوى رقم: 29510، وعليه؛ فما ذكرته لا يعد غيبة طالما أنك مستفت تريد معرفة حكم أخذ العلم ممن هذه حالته.
والله أعلم.