يا ليتني.. وهل ينفع الندم؟
مدة
قراءة المادة :
15 دقائق
.
يا ليتني.. وهل ينفع الندم؟
الندم شعور إنسانيٌّ له أسباب عديدة، إما فعلُ ما يستوجب الندم، أو فوات ما يستوجب الندم، والشعور بالندم له مرارةٌ وغُصة لا ينساها مَن يتجرعها، وأشد أنواع الندم هو ما يكون على التقصير في حق الله تعالى، وفوات رحمته.
عندما يأذنُ الله تعالى للعبدِ أن يستيقظ ضميرُه، ويَنْتَبه عقله، ويستقرَّ فؤاده، ويشعر بأنه يغوصُ في بحر لُجِّيٍّ من الذنوب والمعاصي التي تجرفه بعيدًا عن رحمة الله تعالى - حينها ينتفضُ ليُزِيل عن نفسه وَحَلَ المعصية وأدران الذنوب؛ لذلك نجدُ أن الله تعالى قد امتدح النفس اللوَّامة، وأقسم بها في كتابه العزيز، قال تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 1، 2].
• جاء في كتاب "الحاوي في تفسير القرآن الكريم": "التوبة مِن الندم، وذلك أنك قد تندم على الشيء ولا تعتقد قبحَه، ولا تكون التوبة من غير قبح، فكل توبة ندمٌ، وليس كل ندم توبة".
أولًا: صور الندم في القرآن الكريم:
لقد تعدَّدت صور الندم في القرآن الكريم، بدايةً من الندم على الإشراك بالله تعالى، وعدم اتباع ما جاء به الأنبياء عليهم السلام، مرورًا بالندم على موالاة الكافرين والظالمين والعصاة، انتهاءً بالندم على اقتراف المعاصي والذنوب التي توجب العذاب يوم القيامة.
أ) الندم على الإشراك بالله تعالى:
قال تعالى: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42].
ب) الندم على عدم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 27].
ج) الندم على موالاة الكافرين والمنافقين والظالمين:
1- قال تعالى: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52].
2- قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 39، 40].
3- قال تعالى: ﴿ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴾ [الشعراء: 155 - 157].
4- قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 33].
د) الندم على اتخاذ الصحبة السيئة:
قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [الفرقان: 27، 28].
هـ) الندم على فوات الفضل والغنيمة:
قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 73].
و) الندم على التسرع في الحكم على المواقف والأشخاص دون بيِّنة:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
ز) الندم على اقتراف الذنوب والمعاصي:
قال تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ [المائدة: 31].
ح) الندم على إقحام النفس في الذنوب التي تستوجب الخزي والعذاب يوم القيامة:
1- قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27].
2- قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [يونس: 54].
3- قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزخرف: 36 - 38].
4- قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25].
5- قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].
6- قال تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 23 - 24].
• بالتدقيق في هذه النماذج وغيرها، نجد أنها قد غطَّت معظم الجوانب التي تُقحِم صاحبها في المعاصي، التي تستوجب الندم في وقت لا ينفع فيه الندم، والعياذ بالله.
ثانيًا: بعض الأحاديث التي وردت عن الندم في السنة النبوية المطهَّرة:
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسدَ إلا في اثنتينِ: رجلٌ أعطاه اللهُ القرآنَ فهو يتلوه آناءَ الليلِ (وآناءَ) النهارِ، فسمِعه رجلٌ فقال: يا ليتَني أُوتيتُ بمثلِ ما أُوتِيَ هذا، فعملتُ فيه مثلَ ما يعملُ هذا، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا فهو يُهلكُه في الحقِّ، فقال رجلٌ: يا ليتَني أُوتيتُ مثلَ ما أُوتِيَ هذا، فعملتُ فيه مثلَ ما يعملُ))؛ (رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رجاله رجال الصحيح).
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقومُ الساعةُ حتى يمرَّ الرجلُ بقبرِ الرجلِ، فيقول: يا ليْتَنِي مكانَه))؛ (رواه البخاري).
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والَّذي نفسي بيدِهِ، لا تذهَبُ الدُّنيا حتَّى يمرَّ الرَّجلُ علَى القبرِ فيتمرَّغُ عليهِ، ويقولُ: يا ليتَني كنتُ مَكانَ صاحبِ هذا القبرِ، وليسَ بهِ الدِّينُ إلَّا البلاء))؛ (رواه مسلم).
4- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشةُ، إن كنتِ ألمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفِري اللهَ؛ فإنَّ التَّوبةَ مِنَ الذَّنبِ النَّدامةُ والاستغفارُ))؛ (رواه الهيثمي في مجمع الزوائد).
5- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كفارةُ الذَّنبِ النَّدامةُ، ولو لم تُذنِبوا لأتَى اللهُ بقومٍ يُذنِبونَ لِيغفِرَ لهم))؛ رواه أحمد 2623، وقال الأرنؤوط: حسن لغيره.
6- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُرسَلُ البكاءُ على أهلِ النارِ، فيَبْكُونَ حتى تنقطِعَ الدموعُ، ثُمَّ يبكونَ الدَّمَ، حتى يصيرَ في وجوهِهِم كهيئَةِ الأخدودِ، لو أرسلَتْ فيه السفنُ لجرَتْ))؛ (حسنه الألباني).
7- عن عامر بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطاب أخذ تبنةً من الأرض، فقال: يا ليتني كنت هذه التبنةَ، ليتني لم أُخلَق، ليتني لم أكُ شيئًا، ليت أمي لم تَلِدْني، ليتني كنت نسيًا منسيًّا؛ (رواه ابن المبارك، وابن أبي شيبة، ومسدد، وابن عساكر).
8- ذكر ابن بطال رحمه الله عن عمرَ رضي الله عنه أنه تناولَ تبنةً من الأرضِ، فقال: يا ليتَني هذه التبنةُ، يا ليتني لم أكُ شيئًا، يا ليتَ أمِّي لم تلدني، يا ليتني كنتُ نسيًا منسيًّا، وقال: لو كانَتْ لي الدنيا لافتديتُ بها من النارِ ولم أرَها؛ (شرح البخاري لابن بطال).
ثالثًا: بعض نماذج الندم والتوبة:
إن الله يغفر الذنوب جميعًا ما لم يُشرَك به سبحانه وتعالى، ويَقبل التائبين، ويُقيل عثرات المذنبين، فلا يقنَطْ أحد من رحمة الله تعالى مهما بلغت ذنوبه؛ فرحمة الله وَسِعت كلَّ شيء.
1- قصة توبة أبي محجن الثقفي:
جاء في كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر رحمه الله:
عن ابن سيرين قال: "كان أبو مِحْجن الثقفي لا يزال يُجلَدُ في الخمر، فلما أكثر عليهم سجَنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية، فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا في المسلمين، فأرسل إلى أم ولد سعد - أو امرأة سعد - إن أبا محجن يقول لك: إن خلَّيتِ سبيله وحملتِه على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحًا، لَيكونن أول مَن يرجع إليك إلا أن يُقتل، فحلَّت عنه قيوده، وحمل على فرسٍ كان في الدار، وأعطي سلاحًا، ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رجل، فيقتله ويدق صلبه، فنظر إليه سعد فجعل يتعجب، ويقول: مَن ذاك الفارس؟ قال: فلم يلبثوا إلا يسيرًا حتى هزمهم الله، ورجع أبو محجن، ورد السلاح، وجعل رجليه في القيود كما كان، فجاء سعد فقالت له امرأته: كيف كان قتالُكم، فجعل يخبرها ويقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله رجلًا على فرس أبلق (فيه سواد وبياض)، لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلتُ: إنها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان أمره كذا وكذا، فقصَّت عليه قصته، فدعا به فحلَّ قيوده، وقال: لا نجلدك على الخمر أبدًا، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدًا، كنت آنف أن أدعَها من أجل جَلْدِكم، قال: فلم يشربها بعد ذلك".
2- قصة توبة الفُضيل بن عِياض:
جاء في كتب "سير أعلام النبلاء" للذهبي رحمه الله:
عن علي بن خشرم قال: أخبرني رجل مِن جيران الفضيل بن عياض، قال: كان الفضيل يقطعُ الطريق وحدَه، فخرج ذات ليلةٍ ليقطع الطريق، فإذا هو بقافلةٍ قد انتهت إليه ليلًا، فقال بعضهم لبعض: اعدلوا بنا إلى هذه القرية، فإن أمامَنا رجلًا يقطع الطريق يقال له: الفضيل، قال: فسمع الفضيل، فأرعد، فقال: يا قوم، أنا الفضيل، جُوزوا، واللهِ لأجتهدن ألَّا أعصي الله أبدًا، فرجع عما كان عليه".
وفيه أيضًا:
"روى ابن عساكر بسنده عن الفضيل بن موسى قال: كان الفضيل شاطرًا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس (مدينتان بإقليم خرسان بإيران)، وكان سببُ توبته أنه عشِق جاريةً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليًا يتلو: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ...
﴾ الآية [الحديد: 16]، قال: يا رب، قد آن، فرجع فآواه الليل إلى خربةٍ، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: حتى نصبح، فإن فضيلًا على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلتُ توبتي مجاورةَ البيت الحرام".
3- امرأة تريد فتنة الرَّبيع بن خُثيم:
جاء في كتاب "التوابين" لابن قدامة رحمه الله أنه "أمر قومٌ امرأةً ذات جمال بارع أن تتعرَّض للربيع بن خُثَيْمٍ لعلها تفتِنُه، وجعلوا لها إن فعلَتْ ذلك ألف درهم، فلبِسَت أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيَّبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرَّضت له حين خرج من مسجده، فنظر إليها فراعه أمرُها، فأقبلت عليه وهي سافرةٌ، فقال لها الربيع:
كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك، فغيَّرت ما أرى من لونك وبهجتك؟
أم كيف بك لو قد نزل بك مَلَك الموت، فقطع منك حَبْل الوَتِين؟
أم كيف بك لو سألك مُنكرٌ ونكير؟
فصرخت صرخة، فسقطت مغشيًّا عليها، فوالله لقد أفاقت، وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق".
• وهناك الكثير والكثير من قصص الندم والتوبة التي إن دلَّت على شيء، فإنما تدل على أن القلوب بين إصبعينِ من أصابع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء.
نسأله سبحانه وتعالى أن يتقبَّل توبتنا، وأن يلهمنا رشدنا حتى نلقاه سبحانه وتعالى وهو راضٍ عنا.
وختامًا:
• إن الإنسان لو تذكر عظمة الله تعالى، لندِم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو تذكر نِعَم الله تعالى عليه، ما تجرَّأ على المعصية، بل لندم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو علِم سخط الله تعالى على العاصي، لندم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو علِم بشؤم المعصية وما تَجلِبُه من فتن وبلاءٍ، لندم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو علِم بفرحة الله تعالى بعبده الذي يعود إليه، لندم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو علم المصير الذي ينتظره لو مات على معصية ربه، لندم وسارع بالتوبة.
• إن الإنسان لو علم بالنعيم الذي أعدَّه الله تعالى للتائبين، لندم وسارع بالتوبة.
اللهم إنا نسألك قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيمًا.