الإخلاص عنوان للأمة المحمدية وبه تنصر
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الإخلاص عنوان للأمة المحمدية وبه تُنصَرلقد جعل الله تعالى الإخلاص عنوانًا لأمة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ [البقرة: 139]؛ وقد ذكر ابن القيم في كتابه (شفاء العليل، ص: 286) عن يزيد بن أبي مريم، قال: ((مرَّ عمر رضي الله عنه بمعاذ بن جبل رضي الله عنه، فقال: ما قِوام هذه الأمة؟ قال معاذ: ثلاث وهن المنجيات: الإخلاص؛ وهو الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها، والصلاة؛ وهي الملة، والطاعة؛ وهي العصمة، فقال عمر رضي الله عنه: صدقت)).
بالإخلاص تُحفظ وتُنصَر الأمة:
فقد أخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنهما: ((أنه ظنَّ أن له فضلًا على مَن دونه مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم))؛ [صحيح الترغيب والترهيب: 6، صحيح الجامع: 2388].
وفي رواية: ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم)).
قال المناوي رحمه الله في (فيض القدير: 6/ 354): "لأنهم أشد إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خضوعًا في العبادة؛ لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا".
وقال أيضًا: "لخلاء قلوبهم عن التعلق بالدنيا، وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله، فجعلوا همهم واحدًا؛ فَزَكَتْ أعمالهم وأُجيب دعاؤهم، وإذا قام العبد بمنزلة الإخلاص وقام بحق هذا المقام، كان الله معه، ومَن كان الله معه، فمَن الذي يخيفه؟ وماذا يخفيه؟" قال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36].
♦ وأخرج الحاكم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَصَوْتُ أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل))؛ وما ذاك إلا لإخلاصه وتجرده لله عز وجل.
♦ وأخرج الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم من أشعثَ أغبرَ ذي طِمْرَيْنِ، لا يُؤبَهُ له، لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم البراء بن مالك)).
لقي البراء المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا له: يا براء، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك لو أقسمتَ على الله لأبرك، فأقسِمْ على ربك، قال: أُقْسِمُ عليك يا رب لَما منحتنا أكتافهم، وذكر الحديث.
وانتصر المسلمون في هذه المعركة بإخلاص البراء ودعائه.
وانظر كيف فتحت كابل عاصمة أفغانستان:
قال مخلد: كان محمد بن واسع مع قتيبة بن مسلم في جيشٍ، وكان صاحب خراسان، وكانت الترك خرجت إليهم، فبعث إلى المسجد ينظر مَن فيه، فقيل له: ليس فيه إلا محمد بن واسع رافعًا أصبعه، فقال قتيبة: أصبعه تلك أحبُّ إليَّ من ثلاثين ألف عنان، وفي رواية: لما اصطف الناس لفتح كابل قال قتيبة قائد الجيش: أين محمد بن واسع؟ قالوا: في أقصي الميمنة رافعًا أصبعه إلى السماء، فقال: أبشروا بالنصر، هذه الأصبع الفاردة أحبُّ إليَّ من ألف سيف شهير وشابٍّ طرير، فلما أتاه، قال: ماذا كنت تصنع؟ قال: كنت آخذ لك بمجامع الطرق: الدعاء؛ [حلية الأولياء: (2/ 353)].