عنوان الفتوى : متى يجوز الاقتراض بالربا
سؤالي هو يا حضرة الشيخ: إنني أعيش في بلد الإمارات مع زوجي وابنتي وقد جئت إلى هذا البلد منذ 3 سنوات حينما تزوجت، وأنا أعمل كي أساعد زوجي في المصروف وأحب زوجي كثيراً وأساعده بنية صافية والحمد لله، ولكن الأحوال هنا صعبة قليلاً إذ أن السكن غالي جداً جداً ولم نعد نقدر على سد المصاريف وخاصة أن الله أنعم علينا بمولودة والآن أنا حامل ومعاشي قليل إذ أنا لا أحمل شهادات جامعية وزوجي لم يعد يقدر على إيجار هذا السكن، وقد حاولنا إيجاد سكن أرخص ولكن محاولتنا فشلت وبصورة عامة، كل الإيجارات غالية وبحكم أني أعمل اضطررت أن أضع شغالة لابنتي أي لا يوجد أحد من أهلي هنا حتى يرعى ابنتي ومن ضيق الحال يضطر زوجي إلى أن يأخذ قروضاً من البنك إذ لا خيار أمامنا وأنا متألمة جداً من هذا الحال، أي أني أكره التعامل بالبنوك+ هذه البطاقات الائتمانية ولكن زوجي يقول لي أعطيني حلاً آخر، فلا يوجد أحد يستطيع أن يديننا المال عند كل إيجار فدخلنا جمعية ولكن لم تكف للإيجار فنضطر أن نضع فوقها ما تبقى من المال عن طريق المال وصدقني أريد أن نتوب من هذا ودائماً أدعو الله أن يجد لنا طريقة ما، ففكرت أن أترك زوجي وآخذ ابنتي وأعيش في لبنان عند أهلي لحين أن ينتهي من هذا السكن والقرض وربما نجد حلاً آخر في لبنان لأنه لو بقينا هنا في الإمارات مليون سنة الحال هو هو، والله أعلم، مع العلم بأن بيتي صغير ومتواضع وفي بناية عادية جداً لا برج ولا مواصفات ممتازة وبيتي بعيد عن المدينة قليلاً بحكم أنها أرخص من قلب المدينة، ومع هذا كله غالي بالنسبة لظروفنا، وقررت أن أترك العمل وأوفر الشغالة ولكن من سيدفع بقية مصروف البيت، أتمنى أن تكونوا طويلي البال على سؤالي الطويل، ولكن أفيدوني؟ وشكراً لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان السفر إلى لبنان أو غيرها من البلاد فيه حل للمشكلة تعيَّن عليكم فعل ذلك، فراراً من أكل الربا، وسعياً وراء الاستقرار، ودوام سبل المعيشة على نسق سليم، أما إذا لم يكن هناك فائدة من السفر سوى زيادة الإرهاق المادي، والتكاليف التي لا تطاق، جاز لكم البقاء في البلد الذي أنتم فيه الآن، وعليكم أن تقتصدوا في معايشكم على الأمور الضرورية كالطعام والشراب واللباس والمسكن، فإذا سُدت احتياجاتكم الضرورية لم يجز لكم الاقتراض بالربا، لأنه لا ضرورة تدعو إلى ذلك.
أما إذا لم يكف دخلكم للمصروفات الضرورية، فإنه لا مانع حينئذ من الاقتراض بقدر الحاجة فقط، لقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة:173]، ولاشك أن الزيادة على الضرورة من البغي والعدوان، وراجعي الفتوى رقم: 1420، والفتوى رقم: 1551، والله نسأل أن يكفيكم بحلاله عن حرامه، وأن يغنيكم بفضله عمن سواه.
والله أعلم.