عنوان الفتوى : بدع الأعراس
فضيلة الشيخ: ظهرت علينا منذ فترة ابتداعات في صالات الأفراح لم تكن موجوده منذ عدة سنوات قريبة، أريد من فضيلتكم حكم الشرع فيها كي يطلع عليها الناس ويعرفوا الحكم الشرعي في عملها: 1- ما حكم عمل ما تسمى الكوشه التي توضع على المسرح خلف مقعدي العروس والتي تجلس أمامها العروس لمدة ساعة أو أقل والتي تكلف مبالغ كبيرة قد تصل إلى أكثر من عشرة آلاف ريال؟ 2- ما حكم وضع طاولات مستديرة يوضع عليها القهوة والشاي والمكسرات والحلويات وعليها شمعة تضاء يتحلقن حولها النسوة أثناء حضورهن الزواج كما هو معمول به في المراقص؟ 3- ما حكم وضع واستعمال ممر في وسط صالة النساء مرتفع يوازي ارتفاع المسرح ممتد من آخر صالة النساء إلى المسرح تمشي عليه العروس أثناء دخولها إلى الصالة أمام النساء وفي أثناء ذلك تطفأ الأنوار ويضاء هذا الممر يضيء على العروس كما هو مشاهد في عروض الأزياء العالمية، أرجو التفضل بإفادتي بالحكم الشرعي في عمل مثل هذه الأشياء كي نبينها للناس؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه الأمور تدخل في الأعراف والعادات، وهي تنقسم إلى قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح هو ما تعارفه الناس واعتادوه وليس فيه مخالفة للشرع، ولا تفويت لمصلحة ولا جلب لمفسدة.
وأما العرف الفاسد فهو ما كانت فيه مخالفة لنصوص الشرع أو بعض قواعده أو فوت مصلحة معتبرة أو جلب مفسدة.
ولا شك أن المتأمل في هذه المسائل المذكورة يجد فيها مخالفات كثيرة للشرع منها: (1)أن صرف المال بهذه الطريقة فيه تبذير وإسراف واضحين، وقد قال الله تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31]، وإذا كان الله تعالى قد نهى عن الإسراف في الأكل والشرب اللذين بهما قوام حياة الإنسان فمن باب أولى أن ينهى عن الإسراف والتبذير فيما لا فائدة فيه معتبرة، وقد ذم الله تعالى المبذرين أشد الذم فقال: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:27]، قال القرطبي في تفسيره: قال الشافعي التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل خير، وهذا قول الجمهور، وقال أشهب عن مالك: التبذير هو أخذ المال في حقه ووضعه في غير حقه وهو الإسراف، وهو حرام. انتهى.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال. وأخرجه ابن حبان في صحيحه وقال في آخره: قال ابن علية: إضاعة المال إنفاقه في غير حقه.
وإذا كان أهل العلم نصوا على حرمة الإسراف في استعمال الماء للطهارة فهو في المال من باب أولى.
إن إقامة الأعراس بهذه الصورة تدعو إلى عزوف كثير من الناس عن الإقدام إلى الزواج بحجة أنهم لا يستطيعون فعل عرس على هذا النحو، وبالتالي تنتشر العنوسة بين شباب المسلمين، ولا يخفى ما في هذا من الفساد المؤدي إلى ارتكاب المحرمات.
إن الغالب على أهل هذه الأعراس التباهي والتفاخر بما يفعلون، وعلى العموم فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله تعالى ويبعدوا عن الإقدام على هذه الأمور أو نحوها؛ بل يجعلوا الزواج ميسوراً وسهلاً ليتسنى لكل من أراد العفاف بالزواج أن يتزوج، وليعلم أولياء الأمور وغيرهم أنه كلما كان الزواج أقل مؤونة كان أعظم بركة وأدعى لدوامه واستمراريته وسعادة طرفيه.
ومما ينبغي أن ينبه له عدم جواز كشف العروس عن شيء من عورتها أمام النساء كما يحصل في كثير من الأعراس حيث تلبس العروس في بعض الأحيان الملابس الشفافة أو الكاشفة تماماً عن العورة، ولمعرفة عورة المرأة بالنسبة للمرأة راجع الفتوى رقم: 284، والفتوى رقم: 1265.
هذا فضلاً عما تشتمل عليه الأعراس من موسيقى وغناء محرمين، زيادة على التشبه بالكفار في كثير من عاداتهم التي لا صلة لها بالإسلام.
والله أعلم.