عنوان الفتوى : من استودع مالاً فاستثمره.. هل يضمنه
زوجي توفي وكان شريكا مع إخوته في شركة ويعملون بها جميعا والدته أعطته مبلغا من المال يدخره لها فوضع مبلغها في الشركة بعلم إخوته وقال لهم هذه النقود لحاجة الوالدة لأني لا أعلم الحياة من الموت وتوفي وإخوته ليسوا راضين أن يدفعوا الفلوس لوالدتهم وألزموا زوجة المتوفى برد المبلغ مع العلم أنهم عليهم مديونية للمتوفى هل زوجة المتوفى ملزمة برد مبلغ النقود حيث إنه دين على زوجها أم لا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزوجة لا يلزمها قضاء دين زوجها إذا توفي، وإنما يلزم قضاء الدين من مال المتوفى إن ترك مالا، ويقدم قضاء الدين على تقسيم التركة بين الورثة؛ لقول الله تعالى: [ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ] (النساء: 11)
وأما دينه الذي يطالب به إخوته فهو حق له عليهم، ويلزمهم أن يدفعوه لورثته.
وأما المال الذي أعطته له الوالدة فإن أعطته له ليستثمره لها فاستثمره في الشركة فإنه لايكون ضامنا له إذا اغتصبه الإخوة أو أنكروه، لأن المستودع لا يضمن ما لم يفرط أو يتصرف في الوديعة بغير إذن. ويدل لذلك ما في الحديث: من أودع وديعة فلا ضمان عليه. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني
وفي هذه الحالة يمكن للزوجة أن تخبر الأم بالموضوع لتتحاور مع أبنائها في مالها.
وأما إن كانت الأم أعطته المال ليدخره لها فتطوع هو باستثماره، فان أذنت له أو علمت وأقرت ذلك فإنه لا يضمن فيه المال أيضا لأنه لم يتصرف بغير رضاها، وأما إن كانت استودعته المال ليحفظه لها ولم تعطه الإذن في وضعه في الشركة لا نصا ولا عرفا فإنه يضمن فيه المال لتصرفه فيه بغير إذن مالكه، فقد صرح أهل العلم أن من استودع مالا فخلطه بما لم يتميز، أو تصرف فيه باقتراض فإنه يضمنه، فإذا تقرر ضمانه للوديعة فإن ثبت أنه وضعها في الشركة وثبت علم الإخوة بذلك فعليهم أن يردوا للأم مالها، وهنا لا يلزم الزوجة شيء، وإنما يمكن للأم أن تبحث الموضوع مع أولادها حتى تأخذ منهم حقها.
وينبغي الرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع والبحث عن البينات.
كما ينبغي للأم أن تنصح بنيها وتقنعهم بالتورع عن مال اليتامى وعدم ظلم الزوجة بإلزامها ما لا يلزم شرعا.
وللمزيد في الموضوع راجع المغني لابن قدامة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 35486 ، 45267 ، 6937 ، 5688، 39185 .
والله أعلم.