عنوان الفتوى : حكم هبة الأب منزله لابنه الصغير
أصحاب الفضيلة بعد تحية الإسلام: تنازل لي والدي عن منزل كان يسكنه، وكان عمري في ذلك الوقت سبع سنوات، وهذا التنازل لم يكن لي به علم إلا بعد وفاته، علما بأنني كنت أقيم معه في ذلك المنزل حتى وفاته، وبعد أن علمت به عرضته على بعض أهل الفتوى في مدينتي، فأفتوني بأن هذا التنازل باطل شرعا نتيجة لخطأ في التوثيق بأن لم تذكر فيه الحيازة والتصرف من قبل والدي علي لأن ابن السبع سنوات لا يستطيع أن يحوز ولا يتصرف، حيث ورد في وثيقة التنازل النص التالي: وقد أذن المتنازل للمتنازل له بقبول ذلك وحوزه، وعليه يشهد بذلك من سمع منه وأشهده به عارفاً له وهو بحال كمال...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يحوز للولد الصغير هو أبوه أو من يقوم مقامه، أما حوز الولد أو الإذن له في الحوز أو القبول فلا عبرة به ولا تصح به الحيازة، فمن وهب لولده الصغير عقاراً أو غيره مما يعرف بعينه وحازه هو نيابة عن ولده وأشهد على الهبة كفت تلك الحيازة وتمت الهبة، ولا يضر بقاء الموهوب تحت يد الأب الواهب.
قال ميارة في شرحه لتحفة الحكام: أما حوز الأب لما وهب أو تصدق به على ولده الصغير ففي الجواهر روى ابن وهب أن أبا بكر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالو: لا تجوز صدقة ولا عطية إلا بحوز إلا لصغير من ولد المتصدق فإن أباه يحوز له، وهذا في غير دار السكنى (بيت السكنى) (ومنزل السكنى)، أما هذا فلا يكفي في صحة هبته للولد حيازته من الأب الواهب له والإشهاد على ذلك، بل لا بد مع ذلك من خروجه منها وإخلائها من أ ثاثه.
قال ميارة أيضا في الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام: (وفي المتيطية) إذا تصدق الرجل على ابنه الذي في حجره بدار يسكنها الأب فلا بد من إخلائها من نفسه وثقله وأهله وتعاينها البينة خالية فارغة من أثقالها، ويكريها الأب للابن من غيره، فإن مضت سنة فلا بأس بعودة الأب لها إلى سكناها... إلى آخر كلامه.
والخلاصة أن البيت الذي تنازل لك عنه أبوك إن كان بيت سكناه -كما هو الظاهر من السؤال- فلا تتم هبته لك وأنت في تلك السن إلا بانتقال الأب عنه أو عن أكثره وإفراغه لك من جميع أمتعته سنة كما قال الفقهاء مع الإشهاد على ذلك وعلى الهبة كما سبق، أما إن لم يخله جميعاً وظل ساكناً فيه أو في أكثره إذا كان يحتمل التقسيم حتى مات فإن الهبة تبطل ويكون البيت من التركة.
والله أعلم.