عنوان الفتوى : ترك المرأة العمل في مكان مختلط قبل وجود عمل بديل
كنت أعمل في صيدلية، وأداوم مساءً إلى 10 ليلا، وكان معي في نفس النوبة 3 شباب، كنت أتضايق منهم بسبب تدخلهم في طريقة أكلي أحيانا، وطريقة كلامي مع الناس، ويحدث بيننا تلامس بالأيدي كثيرا، وكله عن غير قصد، ويحدث تصادمات بأجسادنا بحكم أن الصيدلية عليها ضغط في البيع، وبسبب السرعة تحدث هذه الأمور، ونحن نقف على الكاونتر نبيع للمرضى لا يكون بين أكتافنا الكثير من المسافة، بل تكاد تتلامس، وحاولت معهم أن يغيروا وقت دوامي ليصير صباحا، ولكن صاحب العمل رفض؛ لأنه يريد فتاة تعمل ليلا، حتى تعطي إبرا للمريضات، علما أني لست ممرضة، ولا طبيبة، ومن تريد إبرة ليلا بإمكانها الذهاب للطوارئ، أو مركز طبي، أو عيادة، وهم كثر. لم أكن مرتاحة، ولكني صبرت، حتى أجد عملا آخر، وحتى أحصل على خبرة في تخصصي، ولكني لم أحتمل أكثر، فاستخرت الله أن أترك هذا العمل، وتركته -فعلا- قبل أن أجد غيره، هل استخارتي لترك هذا العمل صحيحة؟ وهل ترك مثل هذا العمل واجب؟ حاولت وضع حدود بيني وبينهم، فكانت تصبح العلاقة جدية ليوم، أو اثنين، ثم نعود كما كنا في علاقة ودية، فيها ضحك، ومزاح وهكذا. هل ما فعلته صحيحا بالترك، حتى قبل أن أجد بديلا؟أشعر بتأنيب الضمير؛ لأني تركت عملي.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام العمل كان فيه اختلاط بالهيئة المذكورة في السؤال: من التلامس البدني، والتصادم أحيانا، مع الضحك، والمزاح. فينبغي ألا تلوم السائلة نفسها على تركه، وإنما تلوم نفسها على ما سبق من البقاء فيه، بل يجب عليها التوبة منه؛ لما فيه من تعدٍّ لحدود الله، وتجاوزٍ لأحكام الشرع، وانظري الفتويين: 453082، 522.
وراجعي للأهمية في حكم الاختلاط، والخضوع بالقول؛ الفتويين: 118479، 176547.
والاستخارة إنما تشرع فيما هو مباح، أو مندوب، وأما ما هو محرم، أو مكروه، فلا تشرع فيه، ولا فيما هو واجب.
جاء في الموسوعة الفقهية: فالاستخارة لا محل لها في الواجب، والحرام، والمكروه، وإنما تكون في المندوبات، والمباحات، والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله؛ لأنه مطلوب، وإنما تكون عند التعارض، أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به، أو يقتصر عليه، أما المباح، فيستخار في أصله.انتهى.
وقد علمت حرمة هذا العمل، فلا تندمي، بل ينبغي أن تسعدي وتفرحي بتركك لما هو محرم، فدين المرء أغلى ما يحرص عليه، وأهم ما يسعى في حفظه، ونسال الله -تعالى- أن يعوضك خيرا من عملك.
والله أعلم.