عنوان الفتوى : الإمام أملك بالإقامة
في كثير من المساجد في المملكة العربية السعودية وبعد الأذان ينتظر المصلون كثيراً أكثر مما يجب وذلك بسبب تأخر الإمام (لأنه لم يأت من منزله بعد) مما يجعل المصلين يلتفتون حولهم ترقب دخول الإمام، أليس من الأجدر أن يأتي الإمام مبكراً للصلاة، وبخاصة إنني مرة أتيت متأخراً بعد الأذان وأنا في طريقي للمسجد رأيت الإمام يعدو مسرعا لكي يصلي إماماً بالناس، حتى أصبحنا ننتظر الإمام ولا ننتظر الصلاة، فما رأيكم في ذلك ورأي الدين حيث إن الإمام يجب أن يكون قدوة ويلتزم الصلاة وأن لا يأتي للصلاة مسرعا ليصلي إماماً ويراعي أعمال المصلين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج للصلاة تقام الصلاة، وربما تأخر حتى يؤذنونه بالصلاة ففي الصحيحين: إن المؤذن كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم. ففيه إعلام المؤذن للإمام بالصلاة وإقامتها، وفيهما قول عمر: الصلاة يا رسول الله، رقد النساء والصبيان.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي، أنه قال: فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم؟. وروى أبو حفص، بإسناده عن علي قال: المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة. انتهى.
قال النووي في المجموع قال أصحابنا: وقت الأذان منوط بنظر المؤذن لا يحتاج فيه إلى مراجعة الإمام، ووقت الإقامة منوط بالإمام فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته، فلو أقام بغير إذنه فقد قال إمام الحرمين: في الاعتداد به تردد للأصحاب، ولم يبين الراجح، والظاهر ترجيح الاعتداد. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: ووقت إقامة مفوض لإمام، فإن أراد المؤذن إقامة الصلاة فبإذنه -أي الإمام (يقيم) تأدباً، قال في الجامع: وينبغي للمؤذن أن لا يقيم حتى يحضر الإمام ويأذن له في الإقامة، نص عليه في رواية علي بن سعيد وقد سأله عن حديث علي الإمام أملك بالإقامة، فقال: الإمام يقع له الأمر، أو تكون له الحاجة، فإذا أمر المؤذن أن يقيم أقام. انتهى.
غير أنه ينبغي للإمام أن لا يشق على المصلين بالتأخر في الخروج إليهم، وأن يبادر إلى الصلاة ويكون قدوة للآخرين، ويلتزم بآداب المشي إلى المسجد من السكينة والوقار، فقد روى مالك وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. وهذه رواية مسلم، والأمر بإتيان الصلاة بسكينة يشمل الإمام والمأموم.
والله أعلم.