عنوان الفتوى : حكم هجر الأب بسبب ترك الصلاة وسوء المعاملة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هجرني والدي، أنا، وأمي، وأنا لم أتجاوز الشهرين. دام غيابه لمدة 17 عاما. لما تزوجت بدأ يزورني مع زوجته الثانية الأجنبية، وأولاده.
المشكل أنه حاليا طلق الزوجة الثانية، والثالثة، وعاد لبلدنا، وعمره 87 سنة. اعتنيت به لمدة سنتين إلى أن عاد، وتزوج، إلا أنني قررت الابتعاد عنه لأسباب:
لا يصلي، ينطق بكلام بذيء -والعياذ بالله-، يطلب مني أن أفارق زوجي بدون سبب، يختلق مشاكل من دون سبب، ولا يعترف بطقوسنا كمسلمين،
ولا يعترف بجميل أحد، حتى عائلة أمي التي تحملت عبء تربيتي، وتعليمي، حول حياتي إلى جحيم.
فهل أتحمل ذنبا إذا اتخذت قرار الابتعاد عنه؟
وشكرا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك عدة أمور، وسيكون الجواب في النقاط التالية:

1ـ قد أمر الله -تعالى- بالإحسان إلى الوالدين، وحرّم عقوقهما، فهو من أكبر الكبائر، فلا يجوز لك هجران أبيك، ولا مقاطعته، مهما عاملك به من قسوة، وعدم عناية، فقد قال الله -تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء 23،24}، وقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان 14}.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور. اهـ. متفق عليه، واللفظ للبخاري.

2ـ إذا كان والدك ينكر وجوب الصلاة، فهو كافر خارج عن ملّة الإسلام، -والعياذ بالله تعالى-، لكن لا يسقط ذلك وجوب بره، والإحسان إليه، قال - سبحانه وتعالى-: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {العنكبوت:8}.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية:

البر بالوالدين فرض عين، ولا يختص بكونهما مسلمين، بل حتى لو كانا كافرين يجب برهما، والإحسان إليهما ما لم يأمرا ابنهما بشرك، أو ارتكاب معصية. قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.

(2) فعليه أن يقول لهما قولا لينا لطيفا دالا على الرفق بهما، والمحبة لهما، ويجتنب غليظ القول الموجب لنفرتهما، ويناديهما بأحب الألفاظ إليهما، وليقل لهما ما ينفعهما في أمر دينهما، ودنياهما، ولا يتبرم بهما بالضجر، والملل، والتأفف، ولا ينهرهما، وليقل لهما قولا كريما. اهـ.
فجاهدي نفسك على الإحسان إلى أبيك، والرفق به، والدعاء له بالهداية، والتوفيق، ونصحه بحكمة، مع بيان خطورة ما يصدر عنه من كلام محرّم.

3ـ إذا كان الأب لا ينكر وجوب الصلاة، لكنه يتركها أحيانا، فإنه كذلك على خطر عظيم، لكن لا يحكم بكفره عند جمهور أهل العلم، وانظري الفتوى: 164175

4ـ بخصوص قولك: "ولا يعترف بطقوسنا كمسلمين"، فإن عبارة الطقوس لا يليق إطلاقها على شعائر الإسلام، وتعاليمه.

5ـ لا تجوز لك طاعة أبيك في طلب الطلاق من زوجك بدون سبب شرعي؛ لثبوت الوعيد الشديد في ذلك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق، فحرام عليها رائحة الجنة.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: رواه أصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. اهـ.

6ـ الابتعاد عن الأب، إذا لم يكن فيه قطيعة، ولم يتأذّ به غير ممنوع، وخاصة إذا كنتِ تتّقين ما تسمعين من أذاه مثلا. وراجعي الفتوى : 461749

والله أعلم.