عنوان الفتوى : من أعطى من نفسه أسباب الفتنة أولًا لم يَنْجُ منها آخرًا
أنا شاب عمري 23 سنة. سافرت إلى دولة أجنبية بسبب الحرب في بلدي. طيلة حياتي كنت محافظا على نفسي من الكبائر، ولكن وجدت نفسي غير قادر على التركيز في حياتي، ودراستي، وأصبح الجنس هوس بالنسبة لي، فإبليس وسوس لي أن أزني؛ لكي أفرغ شهوتي؛ لكي أكون متزنا في حياتي.
-والعياذ بالله- زنيت بفتاة أجنبية صديقة لي، ولكن انكسرت نفسي، ولم أتحمل ما فعلت، فتبت إلى الله، وأقلعت عن الذنب، وأسأل الله أن يغفر لي.
المشكلة أن الفتاة قريبة مني في الحياة اليومية والعمل، وتتقرب مني كل مرة، وأنا أرفض، وأجاهد نفسي.
فهل في حالتي عندما رفضت سأكون ممن قيل فيهم، ورجل أتته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزنى خطره عظيم، وخطبه وخيم، وانظر الفتوى: 156719، لكن إذا تبت توبة نصوحا، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليك -إن كانت توبتك صادقة- أن تأخذ بجميع أسباب البعد عن الفاحشة، وعدم مواقعتها مرة أخرى.
وأول ذلك أن تقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة، وتسد كل الأبواب المفضية إلى الوصول إليها بالكلام، أو النظر، أو غير ذلك، فإن النفس أمارة بالسوء، ويخشى إن تساهلت في مبادىء هذا الأمر أن ينتهي بك إلى ما لا تحمد عاقبته -والعياذ بالله-.
وإذا دعتك الفتاة إلى نفسها، فصبرت نفسك على طاعة الله، وامتنعت عن مواقعتها، فيرجى أن تكون ممن نهى نفسه، وكبح جماحها عن الهوى، لكن عليك ألا تلقي بنفسك في الفتن زاعما لها أنك تقدر على الصبر، فليس هذا بالرأي الرشيد، بل الصواب أن تبتعد عن الفتن، وأن تسيء الظن بنفسك، وتخشى عليها ملابسة المحظور، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من سمع بالدجال أن ينأى عنه، وهكذا كل من عرضت له الفتن، فعليه أن يتجنبها، ولا يتعرض لها.
ونقل ابن مفلح في الفروع عن بعض أشياخ الشام قوله: من أعطى من نفسه أسباب الفتنة أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهدا.انتهى.
فلا تعط من نفسك أسباب الفتنة، وابتعد عنها ما وسعك، وسل الله النجاة، والعصمة، فإنه لا ينجي، ولا يصرف السوء والفحشاء إلا الله -جل اسمه-.
والله أعلم.