عنوان الفتوى : ليس للرجل من مال زوجته إلا ما تطيب به نفسها
أعمل، وراتبي أعلى من راتب زوجي، وبناء عليه أتحمل أضعاف ما يتحمله من نفقة البيت والأبناء، ناهيك عن أن ما يعطيني لا يكفي مصروفاته هو منفردا، وكل ما آخذه منه -تقريبا- هو نصف إيجار البيت فقط، لا غير، وأتحمل الباقي مع مصروفاتي، ومصروفات الأبناء، ومتطلبات البيت من طعام، وفواتير، وترفيه...إلخ.
وأشعر بالضغط طول الوقت، بسبب ساعات العمل الطويلة، وعدم وجود إمكانية لترك العمل، والمكوث في المنزل، وأضيف إلى ذلك أعباء إدارة البيت، ومشاكل الأبناء أثناء غيابه، حيث لديه بيت آخر، مما انعكس على نفسيتي، وتعاملي معه، ومع بناتي بعصبية معظم الوقت، ودائما يقول إن عنده الكثير من الالتزامات الأخرى، ولا يستطيع أن يعطيني المزيد، ويرى في مطالبتي له بأن يكون هو العائل للأسرة الأساسي أنه طلب مجحف به، ولا أفهم لماذا لا يخفف عني، ولو بزيادة طفيفة في النفقة؟ ويعطيني فقط بعض الوعود المستقبلية، ولم تنفذ بعد، وقد طالبته -على الأقل- بالتعويض المعنوي، ومحاولة إدخال السرور على قلبي، والتقدير لتعبي، ولكنني لا أحصل أيضا على هذا، مدعيا أن وضعنا طبيعي جدا، ولا أستحق عليه تقديرا، وأن علي أن أقبل بالواقع، فهو مصر على أن لا يقر بأنه ملزم شرعا بالإنفاق، لأن لديه التزامات أخرى، وإمكانياته محدودة، بينما أنا أستطيع توفير المال من عملي. ولنا تاريخ طويل من مسئوليات تحملتها عنه، وقد يكون هذا الخطأ مني، ولكنني لم أعد قادرة على الاستمرار بنفس الوتيرة كلما تقدم بي الزمن، فماذا أفعل؟ فأنا أكاد أن أنهار من تحمل ما لا أطيق، ولذلك أرجو توضيح الحكم الشرعي عما يحق لي المطالبة به دون ظلم له، أو ظلم لنفسي، في ضوء الظروف السابق توضيحها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يلزم الزوجة أن تنفق على نفسها، أو بيتها، فضلا عن زوجها -ولو كانت غنية-، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس.
وما تكسبه المرأة من عملها، فهو حق خالص لها، لكن إذا اشترط الزوج على زوجته ليأذن لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً من راتبها، فالمفتى به عندنا صحة هذا الشرط، فيلزمها الوفاء به، كما بينا ذلك في الفتوى: 392095
ونفقة الزوجة مقدمة على غيرها عند التزاحم.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ، فَالنَّفَقَةُ لَهَا دُونَ الْأَقَارِبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى قَرَابَتِهِ. انتهى.
والنفقة الواجبة للزوجة قدر الكفاية من المأكل، والمسكن، والملبس، اعتبارا بحال الزوجين -على القول الراجح عندنا- وانظري الفتوى: 105673
وعليه؛ فمن حقّكِ مطالبة زوجكِ بالإنفاق عليكِ، وعلى أولاده بالمعروف، ولا يلزمكِ أن تخرجي للكسب، وإذا لم ينفق عليكِ بالمعروف، أو كان زوجكِ معسرا بالنفقة؛ فلكِ رفع الأمر للقضاء ليلزمه بالنفقة، أو يفرق بينكما إن أردتِ.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المقنع: وإِن أعسر الزوج بنفقتها، أو ببعضها، أو بالكسوة، خُيِّرَتْ بين فسخ النكاح، والمقام. انتهى.
والله أعلم.