عنوان الفتوى : الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي
أسكن مع أهل زوجي في نفس البيت، وزوجي يدفع كل شهر مصروفًا للبيت، والكل يدفع بالتساوي، وتقوم والدة زوجي بالتسوق من هذا المال، أحيانًا أشتهي بعض الطعام وآخذ ما يكفيني، وأدخل غرفتها أيضاً، وآخذ ما يلزمني دون علمها، لكني أعرف أنها لا تمانع، بمعنى أنه إذا كان هناك بعض الكيك أو المشروبات آخذ ما يكفيني، وهي أحيانًا تعطيني منه، وأحيانًا لا، وإن علمتْ أني أخذت منه فلا تمانع في ذلك. فهل يجوز أن آخذ دون علمها؟ لأني أستحي أن أطلب منها، وهل عليَّ إثم في ذلك؟
وأحيانًا أحتاج إلى بعض المال، فآخذ من محفظة أم زوجي دون علمها، وأحيانًا أرده وأحيانًا أنسى، ولا أرده، مع العلم أنها قالت: يمكنكم أخذ ما شئتم منه، ولست أنا فقط، بل جميع من في البيت يأخذ منها دون علمها وهي تعلم ذلك. مع العلم أن أهل زوجي يعتبرونني ابنتهم، وأنا أعتبرهم أهلي، ويقولون: لا فرق بيننا وبينك، أنتِ ابنتنا الثانية، ونحن نتشارك في كل شيء.
وشكرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكِ في الأكل من الطعام الذي في بيت أهل زوجك، ما دمت تعلمين رضاهم بذلك، وكذا لا حرج عليك في الأخذ من مال أمِّ زوجك بالمعروف عند الحاجة، ولا يجب عليك رده؛ ما دامت صرحت بإذنها لكم في الأخذ منه.
قال الله سبحانه: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا {النور:61}
جاء في تفسير القرطبي -رحمه الله-: قال بعض العلماء: هذا إذا أذنوا له في ذلك، وقال آخرون: أذنوا له، أو لم يأذنوا، فله أن يأكل، لأن القرابة التي بينهم هي إذن منهم، وذلك لأن في تلك القرابة عطفًا تسمح النفوس منهم بذلك العطف أن يأكل هذا من شيئهم، ويسروا بذلك، إذا علموا. انتهى.
وفي تفسير الجلالين: المعنى: يجوز الأكل من بيوت من ذكر، وإن لم يحضروا، إذا علم رضاهم به. انتهى.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن الإذن العرفي كالإذن النصي، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في شرح مسلم: الإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصريح...
والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف، والعادة... فما علم بالعرف رضا الزوج، والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل، وإن لم يتكلم. اهـ بتصرف.
وقال ابن قدامة: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. اهـ.
والله أعلم.