عنوان الفتوى : أخذ الأبناء من مال أبيهم للنفقة على أمهم إذا قصر في النفقة عليها
أبي رجل تاجر غني، فتح الله عليه من واسع رزقه، ولديه محلات للتجارة، أقوم أنا وأخي عليها، أما هو فلم يعد يعمل، ونتحاسب نهاية العام.
تزوج أبي من امرأة أخرى بالسر -وهو يظن ألا أحد يعلم بذلك- وهو لا يدري أنني أنا وأخي قد علمنا بزواجه. وهو يقضي وقته بالسفر بين البلدان ينفق على نفسه وزوجته الثانية من ماله، وأمي تقعد مسكينة بالبيت تظن أنه يذهب للعمل أو العلاج، ولا تعلم أنه متزوج عليها، وهو لا يصرف عليها حاجتها.
فقررت أنا وأخي أن نقتطع جُزءا من مال تجارته بدون علمه لنعطيه لأمنا بدون علم والدنا، علما أننا نعطيها أيضا من مالنا الخاص. وهي لا تعلم أن المال الذي نعطيها إياه جزء منه من والدنا.
فهل يلحقني أنا وأخي إثم على فعلنا هذا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في السؤال أن والدك لا يصرف على زوجته ما يكفيها.
وإذا كان كذلك؛ فهذا يعتبر تقصيرا منه، فالواجب عليه أن ينفق عليها، من غير تبذير في ذلك أو تقتير، قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ [سورة الطلاق: 7].
وتقصير الزوج فيما يجب عليه من النفقة لزوجته يبيح لها أن تأخذ من ماله دون إذنه كفايتها بالمعروف. دون زيادة على ذلك، ما لم تَطِب نفسه بها.
روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وعلى هذا؛ فَبَيِّنا لها ذلك، فلتأخذ إن شاءت ما يكفيها بالمعروف، وليس لكم أنتم أخذ ذلك.
كما لا ينبغي لكم إعلامها بزواجه إن كان إعلامها به قد تترتب عليه مفسدة؛ كأن تطلب الطلاق، أو يحصل خصام ونزاع بينها وبينه.
مع أنه لا بد من نصيحته ليعدل بين زوجتيه، فليس له السفر مع زوجته الثانية اختيارا هكذا، بل لا بد أن يقرع بينهما، ولا يترك الأولى كالمعلقة.
والله أعلم.