عنوان الفتوى : حكم دخول الخلاء بما فيه شيء من القرآن
لدي شحنات على الدماغ، وأرتدي سوارا مخصصا للتخفيف من هذه الشحنات، عليه آية الكرسي. حذرني الكثير من دخول الحمام وأنا أرتديه؛ مما سبب لي الخوف الكبير، وقمت بخلعه منذ فترة، لكن ذلك سبب لي ضررا. فيجب ارتداؤه للتخفيف من أثر الشحنات علي، ولا أستطيع ارتداءه وخلعه كلما دخلت الحمام وخرجت؛ لأن ذلك يجعله يفسد.
فإذا تكرمتم أريد فتوى شرعية حول ارتدائه والدخول به إلى الحمام، وفقكم الله ورعاكم، وجزاكم كل خير، ونفع بكم الأمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخول الخلاء بما فيه شيء من القرآن لا ينبغي، والذي ينبغي هو طمس آية الكرسي من ذلك السوار، أو سترها، ثم تدخلين به إن شئت.
فإن تعذر ذلك، ولم يكن ممكنا، وكان عليك ضرر في ترك الدخول به، فيرجى أن يكون ذلك من الحاجة التي قرر العلماء أنها تبيح الدخول بما فيه ذكر الله، أو بشيء من القرآن للخلاء. على أن تحرصي على صيانة ذلك الموضع عن مماسة النجاسة، أو التعرض للإصابة بها.
جاء في كشاف القناع ما مختصره: (وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ) أَيْ الْخَلَاءِ (بِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ بِلَا حَاجَةٍ) إلَى ذَلِكَ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
وَلِأَنَّ الْخَلَاءَ مَوْضِعُ الْقَاذُورَاتِ، فَشُرِعَ تَعْظِيمُ اسْمِ اللَّهِ وَتَنْزِيههِ عَنْهُ. فَإِنْ احْتَاجَ إلَى دُخُولِهِ بِهِ، بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْفَظُهُ وَخَافَ ضِيَاعَهُ فَلَا بَأْسَ.....
وذكر ابن رجب فِي كِتَابِ الْخَوَاتِيمِ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ، وَقَالَ فِي الدَّرَاهِمِ: إذَا كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ، أَوْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، يُكْرَهُ أَنْ يُدْخَلَ اسْمُ اللَّهِ الْخَلَاءَ (لَكِنْ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمٍ) احْتَاجَ إلَى دُخُولِ الْخَلَاءِ بِهِ (فِي بَاطِنِ كَفِّهِ الْيُمْنَى) إذَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، لِئَلَّا يُلَاقِي النَّجَاسَةَ أَوْ يُقَابِلُهَا... (وَيَحْرُمُ) دُخُولُ الْخَلَاءِ (بِمُصْحَفٍ إلَّا لِحَاجَةٍ).
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ قَطْعًا، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا عَاقِلٌ. قُلْتُ: وَبَعْضُ الْمُصْحَفِ كَالْمُصْحَفِ. انتهى.
والله أعلم.