عنوان الفتوى : من لزمه ضمان مال وجب عليه سداده ولو من ماله الخاص
كنت أضارب بأموالي، وأموال غيري مع أحد التجار، وكنت آخذ نسبة من أرباح الذين يضاربون معي، كضمان لأموالهم مع هذا التاجر، وبعد فترة قال صاحب التجارة إنه كان يخسر، ولا يقول ذلك، محاولا تعويض الخسارة، فما كان إلا أن الخسارة تزداد، حتى خسر كل رأس المال، بسبب إعطائه أرباحا وهمية، بإدراج المزيد من الأموال للتستر على خسارته. وبسبب هذا النصب كان مصيره السجن، فاضطررت إلى بيع بيتي -وهو كل ما أملك-، والاستدانة لزيادة المبلغ الذي أسدد به للذين لهم الأموال عندي، مطبقا بذلك أحكام الإفلاس، ولم أبق لنفسي مسكنا، ولا رأس مال لبداية تجارة، وأسكن حاليا بالإيجار، وأعطيت كل واحد ما يساوي: 20% من رأس ماله، بعد خصم الأرباح التي كان يأخذها طول فترة مضاربته معي. واتفقت معهم على أنه إذا جاءني مال من صاحب التجارة -النصاب-، أو رزقني الله مالا كثيرا من إرث، أو نحو ذلك، فسوف أقوم بتوزيعه عليهم، كل حسب نسبته. فهل يجب عليّ إذا جمعت مالا من جهدي، وعملي أن أوزعه على من تصالحت معهم، أم أن لهم فقط مما جاء من هذا النصاب، وأن ما أجمعه من عملي هو خالص لي لشراء بيت، وحج، ونحو ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ندري على وجه الجزم ما يعنيه السائل بقوله: وكنت آخذ نسبة من أرباح الذين يضاربون معي كضمان لأموالهم مع هذا التاجر - فإن كان يعني أنه اتفق مع أصحاب رؤوس الأموال على أخذ نسبة معلومة من أرباح أموالهم، نظير ضمانه لرؤوس أموالهم في حال الخسارة، فهذا عقد فاسد؛ لأن الضمان لا يجوز أخذ عوض عنه -أجرة أو جُعْلا- وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 74139، 138210، 396958، 126348.
وإن كان قد أخذ هذه النسبة من أرباحهم دون علمهم، فالأمر أشد، لأنه لا يجوز للوكيل أخذ شيء من مال موكله إلا بإذنه.
وعلى أية حال، فالسائل إن لزمه ضمان رؤوس أموال أصحابه، لوجود موجب من موجبات الضمان، كمخالفة الشرط، أو التعدي، أو التقصير، فلا يقتصر قضاء هذا الحق على الأموال التي تأتيه من التاجر المذكور، بل يلزمه ذلك من ماله أيضا، لأنه دين في ذمته يجب عليه قضاؤه، سواء من مال نفسه، أو مما يأتيه من هذا التاجر، أو غير ذلك، وانظر للفائدة الفتويين: 106431، 405652.
والله أعلم.