عنوان الفتوى : الحرص على بر الوالدين والصبر على أذاهما

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

انفصل أبي وأمي، فأخذتنا أُمُّنا وربتنا. المهم حصلت مشاكل؛ فأخذت الأثاث، ورمتنا عند أبينا.
الشقة كانت من دون أثاث، تغيرت معاملتها، وكانت تريد أن تتزوج، ونحن كنا نقول لها: براحتك، وكانت تطردنا على أساس أننا غير نظيفات. لكننا والله، كنا نساعدها في البيت على قدر ما نقدر.
المهم هي رجعت لأبينا بعد 7 سنين، وأنا كنت السبب؛ لأني خائفة على أخواتي، طلبت منها أن ترجع بزواج عرفي وليس عند مأذون؛ لكي تأخذ معاش أبيها.
رجعت، وكان الوضع جيدا، وفرشت الشقة، وربنا يعلم كيف كنت مقدرة لهذا.
أختي في الثانوية، ولم تنجح، ولم تكن تستطيع التركيز بسبب كثرة المشاكل التي كانت تحصل في البيت.
المهم أنني أطلب طلباتي العادية: العلاج، وحذاء، ولباس، مع العلم أن معها فلوسا، لكني لا أستطيع أن أقول لها: ادفعي مما عندك.
أجرت لي فحصا بالتأمين، وفي آخر مرة قالت لي: خذي دواء من التأمين، لكنه بديل غير الذي كتبه الدكتور، فقلت لها: سأسال الدكتورة، فجعلت تدعو علي أنا وأخواتي، وقالت: أنا من أتيت بهذا الأكل، فلا أحد يأكل منه، وحرمتنا من الأكل لمدة شهر، وجعلت تقول: أبوكم هو المسؤول عنكُنَّ، مع العلم أن أبانا غير مسؤول، وذلك منذ زمان، وهي قد جاءت على أساس أنها ستنفق علينا، لكن بجزء من فلوس أبي، يعني هي معها الفيزا. وأنا مريضة بالغدة الدرقية، فقالت لي: روحي موتي، أبوك عندك، وأيضا قالت لي: سأرمي الدواء في الحمام، لو الدكتورة قالت لي: خذيه، وحرمتنا من الأكل، وطوت الفراش، وقالت: لا أحد يقعد عليه، وتظهرنا مخطئات، وأننا غير جيدات، ولا نستحق شيئا.
هل عصيت ربي؟ أو أنا مخطئة؟ لأنه يصعب علي ما يحصل، وأنها تذلنا بكل شيء، حرفيا، وعندما أقول لها: القسوة لا تربي، تقول لي أنا سيئة، وأنتن طيبات.
اعتذرت على أني كنت وقحة معها، لكن هذا من الكبت والله، والكلام السيئ الذي تقوله لنا، وطبعا هناك تفاصيل أكثر من هذا، لكني فعلا لا أعرف ماذا أفعل؟
كأننا داخلون في حرب، تريد أن تظهرنا مخطئات، أقول لها: لقد تأذيت، تقول لي: أضربك بالحذاء، وتسكتين، وترانا عبئا عليها.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ والديك مسيئان، لكن إساءة الوالدين وظلمهما لأولادهما؛ لا يسقطان حق الوالدين على الأولاد، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.

وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

وحقّ الأمّ آكد من حقّ الأب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».

فاحرصي على برّ والديك، والصبر عليهما، واحذري من الإساءة إليهما بقول، أو فعل.

وإذا كنت حريصة على برهما، وحصلت منك هفوة؛ فهي في مظنة عفو الله تعالى، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا [الإسراء: 25].

قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: وقوله (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ) يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البرّ بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، أو زلة في واجب لهم عليكم مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوّابين بعد الزَّلة، والتائبين بعد الهَفْوة غفورا لهم. انتهى.

واعلمي أنّ نفقة الأولاد المحتاجين للنفقة تكون على أبيهم، ولا تجب على غيره إذا كان قادرا على الإنفاق عليهم.

كما ننوه إلى أنّ إخفاء الزواج عن الجهات الرسمية للحصول على المعاش؛ غير جائز فهو غش، وأكل للمال بالباطل.

وانظري الفتوى: 466687

والله أعلم.