عنوان الفتوى : الكذب حرام، فتجب التوبة منه بالندم والإقلاع
كنت أُعالج في مستشفى حكومي، بتأمين صحي خاص بطلاب الجامعات عندنا، وطلب مني الطبيب أن أجري عدة تحاليل، وهذه التحاليل قيمتها: 10 جنيهات. فدفعتها.
وعندما ذهبت للمعمل لسحب العينة وجدت أن واحدا من التحاليل المطلوبة هو تحليل للبول، وأنا لا أريد أن أجريه؛ لأن نظافة المكان هناك ليست جيدة، فرجعت إلى الطبيب وطلبت منه أن يوافق على ألا أفعله؛ فوافق.
وعندما ذهبت إلى غرفة سحب العينات، وأخبرتهم أن الطبيب وافق على ألا أفعله، قالت الممرضة إنه لم يكتب ذلك على -السيستم- فعدت إلى الطبيب ليلغي تحليل البول من السيستم، لكنني وجدته قد رحل، فعدت إليها لأخبرها أنه رحل، فأبدت التعجب من أنني لا أريد إجراء تحليل البول، وأخذت تستفهمني، فكنوع من الهروب من الموقف كذبت عليها، وقلت إن عندي الدورة الشهرية الآن، ولن أستطيع إجراءه، فقالت لي سنسحب عينة الدم الآن، وتعالي بعد أسبوع لإجراء تحليل البول، لأن تنيجة التحاليل لن تظهر إلا بهما معا؛ فوافقت حينها، وفي نيتي أنني سأتركهم يأخذون عينة الدم، ثم لن أعود مجدداً، وبما أنني دفعت ثمن التحاليل، فغاية ما في الأمر أنني دفعت ثمن خدمة ولم أستعملها. لكنني الآن أشعر بالذنب، لأنني كذبت، ولأن من المفترض أن التأمين الصحي يقدم خدمات شبه مجانية من أجل استفادة المواطنين -كما هو معلوم- وأنا بهذا جعلتهم يحللون عينة الدم، وفي نيتي ألا أستفيد من ذلك.
فما هي كفارة ما فعلت الآن؟
وشكراً لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب محرم، ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: آيةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤتُمِنَ خَانَ.
وفي الصحيحين -كذلك- من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
فلا ينبغي لأحد أن يستهين به ولو كان في نظره بسيطا، ولا أن يُعَوِّد لسانه إلا على قول الحق.
فالواجب عليكِ التوبة إلى الله -سبحانه- منه، بالندم، والإقلاع، والعزم على عدم العودة -ولا يلزمكِ كفارة، ولا شيء- كالتوبة من سائر المحرمات التي بين الله وبين العبد.
جاء في روضة الطالبين للنووي: قال الأصحاب: التوبة بين العبد وبين الله -تعالى- التي يسقط بها الإثم هي: أن يندم على فعل، ويترك فعله في الحال، ويعزم أن لا يعود إليه، ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله تعالى، ولا للعباد؛ كقبلة الأجنبية، ومباشرتها فيما دون الفرج، فلا شيء عليه سوى ذلك. اهـ.
وأما ما ذكرتِه عن التأمين: فلا إثم عليكِ فيه، ولا يلزمكِ شيء.
والله أعلم.