عنوان الفتوى : حكم تصنُّع الأكل في صوم التطوع مخافة الرياء
هل يجوز تصنُّع الأكل والشرب في صوم النوافل، لتجنب المراءاة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في هذا؛ لما ذكر أهل العلم من استحباب إخفاء الطاعة، حرصاً على الإخلاص فيها لله -تعالى- ما لم توجد مصلحة راجحة لإظهارها. وراجع الفتوى: 441712.
ثم إنه قد يكون في إظهارك للصيام مصلحة، وهي تنبيه الآخرين على صيام الأيام الفاضلة.
فقد قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم عند كلامه على حديث: إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم.
قال -رحمه الله تعالى-: وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة، والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة.
وفيه الإشارة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار عند سببه. انتهى.
واعلم أن المذموم هو فعل العبادة أو إظهارها، أو التحدث بها طلبا لنفع الخلق، أو مدحهم.
قال الهيتمي في الكبائر: وحد الرياء المذموم: إرادة العامل بعبادته غير وجه الله -تعالى- كأن يقصد اطلاع الناس على عبادته وكماله، حتى يحصل له منهم نحو مال، أو جاه، أو ثناء. انتهى.
وأما إظهار العبادة ليقتدى به، أو لشكر الله -تعالى- على إنعامه بالتوفيق لها، فلا حرج فيه.
فقد أخبر أبو بكر وعمر ـرضي الله عنهماـ بما أنفقاه في تجهيز الجيش، ولم ينكر ذلك عليهما الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر أهل العلم أن التوفيق للطاعة نعمة، ينبغي التحدث بها على سبيل الشكر لله تعالى.
كما قال ابن العربي: إذا أصبت خيراً، أو عملت خيراً فحدث به الثقة من إخوانك، على سبيل الشكر، لا الفخر والتعالي.
وفي المسند مرفوعاً: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله.
والتحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر... اهـ.
والله أعلم.