عنوان الفتوى : توجيه الآثار التي وردت في إتلاف الدفوف
هل كان أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه- إذا رأوا الجواري في الطريق ومعهن الدفوف يخرقونها؟
إذا كان الجواب بنعم. فلماذا مع أن الدفوف رخص بها للنساء في مناسبات معينة؟ بل وكيف يقول الجمهور بجوازها مطلقًا للرجال وللنساء مع وجود هذا الأثر؟
الصحابة لن يتلفوا المال بغير سبب بالتأكيد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الطبري في تهذيب الآثار، وابن أبي شيبة في المصنف، عن إبراهيم النخعي، قال: كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري معهن الدفوف في الطرق، فيخرقونها.
وصحح سند هذا الأثر الشيخ الألباني في كتابه " تحريم آلات الطرب"
وجاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال: ويروى عن الحسن، قال: ليس الدفوف من أمر المسلمين في شيء. وأصحاب عبد الله كانوا يشققونها. اهـ.
ولكن هذا محمول على ما يستعمل فيما لا يحل. وأما الدفوف التي تستعمل فيما يباح كالعرس والعيد، فلا يجوز تخريقها؛ لإباحتها، فإن النصوص دلت على إباحة استعمال الدف في الزواج، وفي العيد.
وقد بوب الإمام البخاري في الصحيح فقال: ضرب الدف في النكاح والوليمة.
وأسند عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بُنِي علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا، يضربن بالدف، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر... اهـ.
وفي الصحيحين عن عائشة، قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر؛ إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا». اهـ. وفي رواية لمسلم: جاريتان تلعبان بدف ....اهـ
وفي الحديث عن عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما فعلت فلانة؟ - ليتيمة كانت عندها - "، فقلت: أهديناها إلى زوجها، قال: " فهل بعثتم معها بجارية تضرب بالدف وتغني.... رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: فصل ما بين الحلال والحرام: الصوت، وضرب الدف. رواه أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.
وقال الشيخ الألباني في تحريم آلات الطرب: الدف يختلف حكمه عن كل آلات الطرب من حيث إنه يباح الضرب عليه من النساء في العرس ...
ولذلك وجدنا العلماء فرقوا بينها وبينه من جهة إتلافها، فروى الخلال عن جعفر -هو ابن محمد- قال: سألت عبد الله عن كسر الطنبور والعود والطبل؟ فلم ير عليه شيئا. قال جعفر: قيل له: فالدفوف؟ فرأى أن الدف لا يعرض له. فقال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرس.
قال الألباني:. يشير إلى الحديث "فصل ما بين الحلال والحرام.."
وكأن الإمام أحمد يلمح بذلك إلى أن الحديث يستلزم عدم التعرض للدف بالإتلاف؛ لأنه أبيح استعماله في النكاح. وهذا من دقيق فقهه وفهمه -رحمه الله- بخلاف ما يستعمل منه فيما لم يبح. وعليه يحمل ما ذكره الخلال ص 27، عن الحسن يعني: البصري قال: "ليس الدفوف من أمر المسلمين في شيء، وأصحاب عبد الله يعني ابن مسعود كانوا يشققونها.
ويؤيد ما ذكرت ما روى الخلال ص 28، عن يعقوب بن بختان أن أبا عبد الله سئل عن ضرب الدف في الزفاف ما لم يكن غناء؟ فلم يكره ذلك، وسئل عن الدف عند الميت؟ فلم ير بكسره بأسا، وقال: كان أصحاب عبد الله يأخذون الدفوف من الصبيان في الأزقة فيخرقونها. وجملة الأصحاب رواها ابن أبي شيبة أيضا 9 / 57، بسند صحيح. اهـ.
وراجع للمزيد في حكم الدف، الفتاوى: 43309 - 176031435139.
والله أعلم.