عنوان الفتوى : طرد الزوجة زوجها من بيت الزوجية بين الجواز وعدمه
كيف تدافع الزوجة عن نفسها ضد زوجها الذي يقول لها كلامًا قبيحًا، ويسيء العشرة، ولا يعطيها حقوقها من كل شيء.
وعندي سؤل: لقد طردتُ زوجي من البيت بمساعدة الشرطة؛ لأنه كان يريد أن يطردني مع أولادي بحكم أنه ليس لديَّ عائلة هنا؛ فاضطررت أن أذهب إلى الشرطة لكي تساعدني. ولكني أخاف أن يكون الله قد غضب مني. رغم أنه زوج ظالم، ولا يعاشرني، ولا يهتم بي ولا بالأطفال، ويقول لي: أنت بقرة يجب أن تأكلي وتشربي، وتسكتي، ليس لديك حقوق وواجبات عندي.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الزوج الذي يسب زوجته، ويسيء عشرتها، ويهضمها حقوقها، يعتبر ظالمًا، ومخالفًا لما جاء به الشرع من الأمر بإحسان عشرة الزوجة، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
وروى الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.
وقد أجاز بعض الفقهاء للزوجة الاقتصاص من زوجها؛ فتسبه إن سبها من غير تجاوز للحد، وتمنعه حقه إن منعها حقها، وسبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى: 312607.
ومع ذلك، فقد لا يكون الأفضل للزوجة المصير إلى ذلك، ففي الغالب أن لا تكون مصلحتها في الاقتصاص.
وينبغي أن تبذل النصح لزوجها بالحسنى، وتذكِّره بالله سبحانه، ويمكنها أن تستعين عليه ببعض الفضلاء من إخوانها المسلمين، ولا سيما القائمين على المراكز والهيئات الإسلامية.
والمسكن حق للزوجة على زوجها، ولا يسقط هذا الحق عن الزوج ما دامت صالحة مستقيمة غير ناشز، ولذلك أضاف الله -تعالى- المسكن إلى الزوجات في القرآن، حيث قال: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ {الطلاق:1}.
قال القرطبي: وهذا معنى إضافة البيوت إليهن، كقوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ، وقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. فهو إضافة إسكان، وليس إضافة تمليك. اهـ.
وللأولاد الحق في المسكن مطلقًا ما داموا صغارًا، لا مال لهم؛ لأن المسكن تبع للنفقة، ونفقتهم واجبة على أبيهم.
وفي المقابل إذا كان البيت ملكًا للزوج، فليس للزوجة الحق في التسبب في طرده منه، فإنها تكون ظالمة له بذلك، وكونه كان يرغب في طردها وأولادها لا يسوغ لها طرده من بيته.
وإن كان البيت ملكًا لها، فلها حينئذ الحق في منعه من السكنى فيه؛ لأن المالك له الحق في التصرف في ملكه بما يشاء ما دام في حدود المباح شرعا.
قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير: وهي قاعدة عامة في الشريعة: أن المالك له حرية التصرف في ملكه.... انتهى.
وللزوجة حقوق على زوجها، كما أن له حقوقًا عليها، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}، ولا تقتصر حقوقها عليه على المأكل والمشرب.
ولمعرفة الحقوق بين الزوجين نرجو مطالعة الفتوى: 27662.
وننصح في الختام بتحكيم العقل والحرص على الصلح، فالصلح خير، والخصومة والشقاق قد تؤدي إلى كثير من المفاسد، ويترتب عليها تشتت الأسرة وضياع الأولاد.
والله أعلم.