عنوان الفتوى : هل دعاء الأم على ولدها بالمرض مستجاب؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أمي تدعو علي بأدعية لم أسمعها في حياتي من قبل، وتدعو علي بالمرض والموت، وذلك بسبب ومن دون سبب، ومعاملتها معي تدل على كرهها الشديد لي، ففي البداية عندما كانت تدعو علي وتسبني كنت أرد عليها، وأحيانا أسبها، وهذا لم يكن من طبعي، ولكنها اضطرتني لذلك، فكانت تزداد أكثر في دعائها علي، والمعاملة القاسية معي، ثم بعد ذلك استغفرت الله كثيرا وندمت على ردي عليها وشتمها، وعزمت على أن لا أفعل ذلك مرة أخرى مهما فعلت معي، وبدأت أتجنب الأفعال التي تجعلها تغضب علي، ولكنها كانت تغضب وتدعو علي من دون سبب يستدعي ذلك، وبفضل الله لم أرد عليها بعد توبتي، وكنت أتركها تدعو وتسب، وأنا أستمع، ولا يصدر مني أي رد فعل، وكان هذا يستفزها، فكانت عندما تراني صامتة لا أفعل شيئا تضربني، فعندما أرها ستبدأ بالضرب أغادر المكان فورا، فتظل تدعو علي، والآن استجاب الله دعوات أمي وابتلاني بأمراض، وكانت تقول تشفين من مرض ثم تمرضين بآخر، وبالفعل هذا ما حصل، فكيف يستجيب الله دعاء أمي بعد توبتي، بالإضافة إلى أنني لم أظلمها؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس لأمّك أن تدعو عليك؛ فالدعاء على الولد؛ منهي عنه شرعاً، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم:... لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ دعاء الوالدين على الأولاد يكون مجابا إذا كان بسبب عقوق الأولاد ونحو ذلك، قال ابن علان في دليل الفالحين، لطرق رياض الصالحين:... ودعوة الوالد على والده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه. انتهى.

وقال المناوي: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق. انتهى.

لكن دعاء أمّك عليك وإساءتها إليك؛ لا تبيح لك مقابلة ذلك بشيء من السب، أو الشتم؛ فحقّ الأمّ على ولدها عظيم، ولا يسقط حقّها بإساءتها، أو ظلمها لولدها، وراجعي الفتوى: 114460.

واعلمي أنّ حصول شيء مما دعت به أمك عليك؛ ليس دليلا قاطعا على استجابة الله دعاءها، والابتلاء بالمرض قد يكون لأسباب أخرى، وليس الابتلاء عقوبة من الله، بل قد يكون الابتلاء دليلا على محبة الله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
فاصبري، وأحسني ظنّك بربك، وأكثري من الدعاء بالعافية، واجتهدي في برّ أمّك قدر طاقتك، واحتسبي الأجر عند الله، وأبشري بالخير من عنده.

والله أعلم.