نصيحة وذكرى لأولي الألباب
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.عباد الله، قد حذَّر ربنا وأنذر، سوء عاقبة مَن لم يرحم نفسه فيزجرها وينهر، وذلك بمحاسبتها؛ لترجع إلى الله تعالى.
موعظة ساقها سبحانه، وبها أمر، وحث على امتثالها عباده المؤمنين، فعرف سرَّها المخلصون منهم والصادقون، فاقرؤوا إن شئتم قول رب العالمين: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ:46]؛ موعظة وجب الأخذ بها، وعدم إغفالها؛ أي: إنما آمركم بواحدة، هي أمر من الله، وهي خصلة واحدة إن رُزِقها المرء بفضل من ربه وتوفيقه نجا وأفلح، وإن لم يتَّبعها خاب وخسر الدنيا والآخرة، فهل علمتم رحمكم الله ما هي؟ هي قوله تعالى: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى}، وصية أوصى الله بها عباده، وهي قيامهم وتشميرهم في طلب الحق: بالفكرة الصادقة، والقلب التقي؛ فكونوا رحمني الله وإياكم كما أمركم ربكم، ولا يشغلكم أن تكونوا في طلب الحق فرادى في خلواتكم، أو متفرقين اثنين اثنين لا أكثر من ذلك؛ حتى لا تتشوش أفكاركم.
جاء عن ميمون بن مِهران أنه قال: لا يكون الرجل تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبةً من الشريك لشريكه على المال.
ورحم الله مالك بن دينار؛ حيث قال: رحم الله عبدًا قال لنفسه النفيسة: ألستِ صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمَّها، ثم منعها، ثم ألزمها كتاب الله؛ فكان لها قائدًا.
وها هو عمر بن الخطاب ، يحاسب نفسه، فيقول لها: لتَتقيَنَّ الله أو ليُعذبَنَّكِ.
ألا فلتتفكروا مجتمعين، فتنظرون، وتتحاورون، وتنفردون بأنفسكم حين النُّصح والمحاسبة مخلصين له بذلك في طلب الحق، وتفكروا كذلك في خلق السموات والأرض؛ فتعلموا أن خالقها واحد لا شريك له؛ قاله مقاتل.
استغلوا أحبتي في الله ما بقي لكم من أيام تعيشونها في طاعة الله، بعيدة عن سخط الله، واستغفروا ربكم، ثم توبوا إليه، إنه غفور رحيم.
أحبكم في الله.
نبيل الخياري