عنوان الفتوى : حكم من اشترى دورة تعليمية ثم اشترط عليه الأستاذ بعد شرائها ألا ينشر محتواها
قمت بشراء دورة تعليمية في أحد المعاهد عند بعض الأساتذة، وبعد شرائي للدورة، ودفعي لثمنها اشترط عليَّ الأساتذة أن لا أقوم بنشر معلومات الدورة، أو الملخصات التي أعطوني إياها، علما أنهم لم يذكروا ذلك عند البيع، وبعضهم يجعل الطلبة تحلف بالله، فهل عليَّ إثم إن نشرت هذه المعلومات بعد علمي بشروطهم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الذي نفتي به: أن حقوق الملكية الفكرية، ونحوها من الحقوق المعنوية مصونة، ومملوكة لأصحابها، ولا يجوز التعدي عليها، وهذا الذي صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي، وغيره من المجامع العلمية.
وبناء على ذلك: فلا يجوز للمشترك في الدورات نشر محتواها إذا اشترطت الجهة المنظمة عدم نشرها.
والأصل أن المعتبر من الشروط في العقود ما كان قبل لزوم العقد، وذلك بأن يكون الشرط مقارنا للعقد، أو قبله بيسير، أو في زمن خيار المجلس والشرط، وأما ابتداء الاشتراط بعد لزوم العقد فلا يلزم الوفاء به.
جاء في «مطالب أولي النهى » للرحيباني:
باب الشروط في البيع : (إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد) متعلق بإلزام (ما) ؛ أي: شيء (له) ؛ أي: الملزم (فيه منفعة) ؛ أي: غرض صحيح، وتأتي أمثلته، (وتعتبر هنا) ؛ أي: في البيع (مقارنة شرط العقد) ؛ أي: بأن يقع الشرط في صلبه.
(وفي " الفروع ": ويتوجه كنكاح) فيكفي اتفاقهما عليه قبله بيسير؛ لأن الأصل استصحاب الاتفاق إلى وقت العقد، لا سيما إن علما أنهما لا يرضيان بالعقد إلا بالشرط المتفق عليه.
(ويتجه) ب (احتمال) قوي (وكعقد زمن الخيارين) ؛ أي: خيار المجلس وخيار الشرط؛ فيصح الاشتراط فيهما؛ كما يصح في صلب العقد؛ لأن زمنهما بمنزلة حال العقد ويأتي. وهو متجه .اهـ.
لكن في خصوص مسألتك: فإنه قد جرى العرف - حسب ما نعلم - بأن الدروات المدفوعة لا يُسمح بنشر محتواها، والمقرر عند الفقهاء أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، ويعبر العلماء عند هذه القاعدة بألفاظ متنوعة، كقولهم: «المعتاد في العقود كالمشروط» كما في التجريد للقدوري، وكقولهم: «المشروط عرفا كالمشروط لفظا» كما في زاد المعاد لابن القيم.
وعليه: فيتعين عليك الالتزام بعدم نشر محتوى الدورة، ولو لم ينصوا على اشتراط ذلك قبل لزوم العقد.