عنوان الفتوى : من الشروط الواجب توفرها لقطع يد السارق
هل إذا أخذت "منشفة" مثلا من عند دار حماتي إلى بيتي مع العلم أني لست بحاجة إليها من دون علمهم تعتبر سرقة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى حرم السرقة، وكتب الحد على فاعلها، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمبايعة النساء على جملة أمور منها: ترك السرقة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الممتحنة:12)، وقال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (المائدة:38)، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم السارق كما في حديث الصحيحين: لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده.
وقد أمر الله بالإحسان إلى الجيران، ونهى عن إيذائهم كما في الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث الآخر: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. رواه البخاري ومسلم.
وقد جعل حرمة مال المسلم كحرمة البلد الحرام والشهر الحرام، فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. رواه البخاري ومسلم.
ولهذا فإنه يتعين عليك مراعاة حرمة جارتك، ولو لم تكن بينكما علاقة غير الجوار، ويتأكد الأمر إذا كانت حماتك.
والواجب عليك الآن التوبة إلى الله، فقد وعد الله السارق التائب بالمغفرة والتوبة عليه، فقال بعد حد السرقة: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة:39).
وعليك أن تردي إلى جارتك ما أخذت منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
ثم اعلمي أن السارق يعتبر سارقاً حقيقة ولو أخذ شيئاً خفيف الثمن، ويدل لذلك حديث الصحيحين: لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده.
وهذا بناء على تفسير الحبل بحبل المتاع والبيضة ببيضة الدجاج، وهو الذي رجحه النووي في شرح مسلم.
وقد عرف ابن عرفة السارق بأنه: من جاء مستترا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له.
وأما السارق الذي تقطع يده فإنه تشترط فيه عدة شروط من أهمها أن يبلغ المسروق ثمن ربع دينار فصاعداً، ويدل لذلك: تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً. رواه البخاري.
وأن يكون المسروق في حرز ويدل لذلك الحديث: لا قطع في تمر معلق ولا في حريسة الجبل فإذا آواه المراح والجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن. رواه مالك في الموطأ، وبمعناه عند النسائي وحسنه الألباني، وأن يأخذ السارق المسروق خفية، ويدل لذلك الحديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع. رواه النسائي والترمذي، وصححه الألباني.
والله أعلم.