عنوان الفتوى : تدريب الطلاب على صلاة التروايح بفعلها في شهر شعبان من كل عام
أدرس في مدرسة للفقه، والسيرة، واللغة، وغير ذلك من مسائل الفقه، وعندما يحل علينا شهر شعبان يأمرنا شيخ مدرستنا بصلاة التراويح جماعة في هذا الشهر، وفي كل يوم يختار طالبا مختلفا ليؤم طلاب، وأساتذة المدرسة، وبعد انتهاء الصلاة يبين لنا أخطاء هذا الطالب، سواء في القراءة، أو القواعد، أو طريقة الصلاة... إلخ.
وحسب زعم شيخنا، فهذا الأمر لنستعد لصلاة التراويح بالناس في المساجد في شهر رمضان، وأيضا لإزالة بعض الخوف، والارتباك عن الطلاب عندما يصلون في المحراب. فهل هذا الأمر يعد بدعة؛ لأنه يتكرر في كل شهر من شعبان؟ وما هو تعريف البدعة؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الطريقة محل تردد ونظر شرعي:
فمن ناحية يقع فيها تخصيص شهر شعبان كل عام لإقامة صلاة التراويح، وهذا لم يقم عليه دليل شرعي، فيدخل في حد البدعة الإضافية.
ومن ناحية يظهر أن تخصيص شهر شعبان ليس لذاته، ولا لاعتقاد فضيلة في تخصيصه، وإنما لكونه سابقًا لشهر رمضان الذي تسن فيه التراويح، فيكون الاجتماع فيه من باب التعليم والتدريب على الإمامة في شهر رمضان -كما ذكر شيخكم-.
والذي نراه أقرب للسلامة، وأبعد عن الاشتباه هو: تغيير هذه الطريقة في التعليم؛ فإن فيها مقاربة للبدعة، وهي لا تتعين سبيلا لتحقيق مصلحة التعليم والتدريب، ويكون الأمر أيسر إذا كان ذلك يحدث أحيانا دون مواظبة، فليس في كل عام، ولا في كل ليلة من ليالي شهر شعبان.
وأما تعريف البدعة: فراجع فيه الفتويين: 17613، 169477.
وننبه هنا على أن صلاة الجماعة لأجل التعليم مشروعة من حيث الأصل، كما يدل عليه حديث أنس -رضي الله عنه- أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصلي لكم؟ قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف. متفق عليه.
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام، شرح عمدة الأحكام: فيه أيضا: جواز الصلاة للتعليم، أو لحصول البركة بالاجتماع فيها، أو بإقامتها في المكان المخصوص، وهو الذي قد يشعر به قوله: لكم. اهـ.
وتبعه على ذلك ابن سيد الناس في النفح الشذي، شرح جامع الترمذي، والعيني في شرح سنن أبي داود، والصنعاني في سبل السلام، وشراح عمدة الأحكام: ابن العطار في العدة، والفاكهاني في رياض الأفهام، وابن الملقن في الإعلام.
ويدل على ذلك أيضا حديث ابن عباس في إمامة جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم- عند البيت مرتين، قال فيه ابن سيد الناس في النفح الشذي: فيه جواز الصلاة للتعليم، كما سبق في الوضوء. اهـ.
والله أعلم.