عنوان الفتوى : زيارة المقامات وقبور الصالحين للدعاء عندها من البدع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عندي صديق من لبنان منذ فترة قصيرة، قال لي إنه سوف يذهب إلى تركيا لزيارة مقامات ومساجد، والدعاء هناك. هل هذا يجوز؟ وعندما سألت أحد الأصدقاء قال إنه حبشي. أريد التوضيح هل من يذهبون لزيارات المساجد في تركيا والدعاء هناك هم الأحباش فقط؟ وما الحكم الشرعي في ذلك، والزواج منهم؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة حال فرقة الأحباش، وأنهم من الفرق الضالة المنحرفة عن الكتاب والسنة؛ فانظر الفتوى: 45043 والفتاوى المحال عليها فيها.

ولا ينبغي للمسلم أن يتزوج منهم، ولا أن يزوجهم وَلِيَّته، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الزواج من صاحب الخلق والدين إن كان زوجا، ومن ذات الدين إن كانت زوجة، وليس أصحاب البدعة المصرون عليها ممن يرضى دينهُم، فالمبتدع ممن لا يُرضَى دينه لا سيما ما كان من البدع مكفراً، فلا يجوز الزواج من صاحبه بحال رجلاً كان أو امرأة؛ كما بينا.
ولا يجوز السفر إلى غير المساجد الثلاثة -المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى- إذا كان ذلك بقصد العبادة والصلاة فيها والاعتكاف، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى. متفق عليه.
ولا يشرع السفر إلى ما يسمى بمقامات الأولياء، ولا يشرع الدعاء عندها، وقد كان السلف الصالح ينهون عن الدعاء عند القبور، فقد رأى علي بن الحسين -رضي الله عنهما- رجلًا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فيدخل فيها فيدعو, فنهاه فقال: ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي, عن جدي عن رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا بيتوكم قبورًا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم. رواه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" وصححه الألباني.

وقد عد العلماء قصد زيارة قبور الصالحين للصلاة عندها، أو الدعاء، عدوها من الزيارات البدعية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَالزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ مِثْلُ قَصْدِ قَبْرِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَهُ، أَوْ الدُّعَاءِ عِنْدَهُ، أَوْ بِهِ، أَوْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُ، أَوْ مِن اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ قَبْرِهِ، أَوْ الِاسْتِغَاثَةِ بِهِ، أَوْ الْإقْسَامِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَلَا سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، بَلْ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْكِبَارُ. اهـ.

فاحذر أخي السائل مصاحبة ومصادقة أهل البدع؛ فإنهم ربما أفسدوا عليك دينك، ولم يزيدوك إلا بعدا من الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ. اهـ. رواه أحمد و أبو داوود والترمذي، وانظر الفتوى: 194759.

والله تعالى أعلم.