أرشيف المقالات

من أقوال السلف في حب الشهرة

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
من أقوال السلف في حُبِّ الشهرة
 
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فحب الشهرة والظهور داءٌ قاتلٌ، تخفى آثاره السلبية على صاحبه، وهو داء كان كثير من السلف ينهى عنه ويتوقَّاه، في حين أن بعضًا من الخَلَف يبحث عنه ويتمنَّاه.
 
للسلف أقوال في الشهرة، يسَّر اللهُ الكريم، فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
 
الشهرة مذمومة إلا من شهره الله لنشر دينه:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم- أصلحك الله- أن أصل الجاه هو انتشار الصيت والاشتهار، وهو مذموم، إلا من شهره الله تعالى لنشر دينه من غير تكلُّف طلب الشهرة منه، فالمذموم طلب الشهرة، فأما وجودها من جهة الله سبحانه من غير تكلُّف من العبد فليس بمذموم.

الشهرة بلاء وفتنة:
• قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: قد بليت بالشهرة.
• قال الإمام المروذي رحمه الله: سمعت أبا عبدالله يقول: من بُلي بالشهرة لم يأمن أن يفتنوه.
• قال بشر بن الحارث الحافي: ما أعلم أحدًا أحبَّ أن يُعرَف إلا ذهب دينُه وافتُضِح.
 
الشهرة آفة:
قال هبة الله بن سعد بن طاهر الطبري رحمه الله: الشهرة آفة وكُلٌّ يتحرَّاها، والخمول راحة وكُلٌّ يتوقَّاها.
 
حب الشهرة يُذهِب حلاوة الآخرة:
قال بشر بن الحارث الحافي رحمه الله: لا يجد حلاوة الآخرة رجلٌ يحبُّ أن يعرفَه الناسُ.

حب الشهرة قد يجُرُّ إلى التساهل في العبادات أو اقتحام المحظورات:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن من غلب على قلبه حب الجاه صار مقصور الهم على مراعاة الخَلْق، مشغوفًا بالتودُّد إليهم، والمراءات لأجلهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتًا إلى ما يُعَظِّم منزلته عندهم، وذلك أصل الفساد، ويجرُّ ذلك لا محالة إلى التساهُل في العبادات، وإلى اقتحام المحظورات.

الصدق والتقوى لا تكون مع حب الشهرة:
• قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: ما صدق الله من أحب الشهرة.
• قال أيوب السختياني رحمه الله: والله ما صدق اللهَ عبدٌ إلا سرَّه ألا يشعر بمكانه.
• قال بشر بن الحارث رحمه الله: ما اتقى اللهَ مَنْ أحبَّ الشهرة، لا تعمل لتُذكَر.
 
تتبُّع غريب القراءات يدل على حب الشهرة:
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: إذا رأيت الإمام في المحراب لهجًا بالقراءات، وتتبُّع غريبها، فاعلم أنه فارغ من الخشوع، محبٌّ للشهرة والظهور.
 
مغبوط من لم يشتهر:
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: طوبى لمن أخمل اللهُ ذِكرَه.
 
سؤال الله البعد عن الظهور والشهرة:
قال أبو داود السجستاني: قال شيخ من الأنصار- يقال له: عراك-: اللهم إني أسألك ذِكْرًا خاملًا لي ولولدي من بعدي، لا ينقصنا ذلك مما عندك شيئًا.
 
الخمول والنهي عن حبِّ الشهرة والظهور:
• قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لعبدالوهاب: أخمل ذِكرَكَ، فإني قد بُليتُ بالشهرة.
• كتب سفيان الثوري إلى عباد بن عباد، وكان في كتابه: إياك أن تكون ممن يحبُّ أن يُعمَل بقولِه، أو يُنشَر قولُه، أو يُسمَع قولُه، وإياك وحب الرئاسة، فإن الرجل يكون حبُّ الرياسة أحبَّ إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة، فتفقَّد قلبك، واعمل بنية.
• قال ابن المبارك: قال لي سفيان- رحمهما الله-: إياك والشهرة، فما أتيت أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة.
• قال أبو حازم المدني رحمه الله: اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك.
• قال عبدالرحمن بن مهدي رحمه الله: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثُر الناس فرحتُ، وإذا قلُّوا حزنْتُ، فسألت بشر بن منصور، فقال: هذا مجلس سوء، فلا تَعُدْ إليه، فما عُدْتُ إليه.
• قال رجل لبشر بن الحارث: أوصني، فقال: أخمل ذكرك، وطيِّب مَطْعَمَك.
• قال الفضيل بن عياض رحمه الله: إن قدرت على ألَّا تُعرَف فافعل، وما عليك ألَّا تعرف، وما عليك ألَّا يُثنى عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس، إذا كنت محمودًا عند الله تعالى!

من فوائد البعد عن الشهرة:
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: رأيتُ الوحدة أروح لقلبي.
 
الحرص على البعد عن الشهرة:
• قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: أشتهي مكانًا لا يكون فيه أحد من الناس، أريد أن أكون في بعض الشِّعاب بمكة، حتى لا أُعرَف.
• قال الحسن رحمه الله: إن الرجل ليكون فقهيًا جالسًا مع القوم، فيرى بعض القوم أن به عِيًّا وما به من عِيٍّ، إلا كراهية أن يشتهر.
 
الذل والخضوع والاستكانة لمن ابتُلي بالشهرة:
• قال بشر بن الحارث الحافي رحمه الله: من ابتُلي بالشهرة...فمصيبته جليلة، فجبرها الله لنا ولك بالخضوع والاستكانة والذُّل لعظمته.
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: ينبغي على من اشتهر أن يكون دائمًا خاشعًا، ذليلًا، ذاكرًا ذنوبه، ذاكرًا مقامه بين يدي الله، ذاكرًا أنه ليس بأهل أن يطأ عقبه اثنان، وأن يتبعه اثنان.
 
علاج حب الشهرة:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: حب الجاه من المُهلِكات فيجب علاجه وإزالته عن القلب، ومن فهم الآخرة...صغر الجاه من عينيه، إلا أن ذلك إنما يصغر في عين من ينظر إلى الآخرة، كأنه يشاهدها، ويستحقر العاجلة، ويكون الموت كالحاصل بين يديه،...
ويتفكَّر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه، فإن كل ذي جاه محسود، ومقصود بالإيذاء، وخائف على الدوام على جاهه، ومحترز من أن تتغيَّر منزلتُه في القلوب.

 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣