(8) تَّنبيهَ! - أتدرون ما الإيمان - سارة بنت محمد حسن
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
أكرر التنبيه:قبلَ أن أبدأ في طرحِ ما لدَي أنَّهُ لا بُدَّ أن نعلَمَ أنَّ هذا الكلامَ لِكَي ينظُرَ كُلُّ واحدٍ في قلبِهِ هوَ، ويُصحِّحَ مسارَهُ معَ ربِّهِ، ولَيْسَ لِكَي يُحاكِمَ الآخَرِين، أو يتَكَلَّمَ فيما لا يعرِف مِن مسائِلِ العلم ِ!
عَرَفْنا أنَّ الشِّرْكَ هُوَ تسْوِيَةُ غيرِ اللهِ معَ اللهِ في شيءٍ مِنً التّوحِيدِ، فما هُوَ الكُفرُ؟
الكُفرُ هُوَ مُناقَضَةُ رُكنٍ مِنَ الإيمان ِ؛ فلَدَيْنا (أربعةُ) أركانٍ للإيمانِ ذكَرْناهُم:
قولُ القَلْبِ (أو عِلم القَلْبِ)، عَمَلُ القلب ِ -قولُ اللِّسانِ- عملُ الجوارِحِ (راجِعْ أوَّلَ السِّلسِلَةِ).
فالكُفرُ هُوَ مُناقَضَةُ هذهِ الأركانِ أو انتفائِها، فإذا انتَفَى علمُ القلبِ يظْهر كُفرُ التَّكْذِيبِ والإعراضِ، وكذلِكَ إذا اعْتَنَقَ القلبُ مَعلومَة تُناقِض التَّوحِيد كانَ بهذا مُكَذِّبًا للتَّوحيدِ، ومِنْ ذلكَ مَنْ كَذَّب بالقُرآن أو بِآيةٍ مِنْهُ وهُوَ يعلَمُ أنَّها مِنَ القُرآنِ.
وهُناكَ أمثِلةٌ كثيرةٌ!
فتفَقَّدْ قلبَكَ، وتَعَلَّمْ دِينَك، وما يقومُ بِهِ توحِيدُكَ للهِ، فإنَّ الخَطبَ جللٌ، ولِيومِ القيامة ِ أهوالٌ تشيبُ لها الوِلْدان، ولِلْقَبْرِ ضمَّةٌ وظُلْمَةٌ فَأَنِر قلبَكَ وقَبْرَكَ بالإيمانِ وتَعَلَّمْهُ.
وإذا انتَفَى عملُ القَلْبِ مِثلُ:
(المحبَّةِ للهِ، وأمره، ورُسُله، والرِّضا باللهِ ربَّنا، وبالإسلامِ دينَنَا، واليَقين...
إلخ) يظهَرُ كفرُ النِّفاقِ.
وَكَذلِك إذا ظَهَرَ ما يُناقِضُهُ في القَلْبِ كَبُغْضِ الدِّين وأمر الله، وبُغْضِ الرُّسُل، وبُغضِ شعائِر الإسلام كانَ ذلِكَ كُفرُ نفاقٍ.
فاحْرِص على تَفَقُّدِ قلبِكَ دومًا، وانْظُرْ هلْ فِيهِ ما يُناقِضُ العَمَلَ الصَّالِحَ؟ وتَفَكَّر أنَّ المُنافِقِينَ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانُوا يُصلُّونَ في مَسْجِدِهِ، ومأمُومون خلْفه صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ، ويخرُجُونَ مَعَهُ في الجِهادِ لكِنْ كَيفَ كانَتْ قُلُوبُهُم؟!
قَدْ قالَ اللهُ عنهُم أنَّهُمْ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ! لماذا؟!
قالَ تعالَى: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التّوبةلآية من الآية:54]، فَهَذِهِ صِفَتُهُم، فإيَّاكَ وَمُشابَهَتَهُم! وإذا انتَفَى كُفر اللِّسان يظهَرُ كُفرُ الجُحُود، مِثلَمَا كفرَ فِرْعَون، وأَبَى أن يَقُولَ لا إلهَ إلّا اللهُ رغمَ عِلْمِهِ التَّامِّ بلْ يَقِينُه بأنَّهُ لا إلهَ إلّا اللهُ..
فقالَ اللهُ عنهُ: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النّمل من الآية:14].
وكَذلِكَ إذا قالَ بإرادَتَهِ الحُرَّةِ كلامًا مُناقِضًا للإسلامِ والتَّوحِيدِ كالاستهزاءِ بالدِّينِ وَشَعائِرِهِ، وسبِّ اللهِ تعالَى، أو سبِّ الأنبياءِ؛ قالَ تعالَى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ .
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التّوبة:65-66].
وإذا انْتَفَى عَمَلُ الجَوارِحِ كِبرًا يَظْهَر كُفر الاستكبارِ كما كَفَر إبليس بِرَفْض السُّجُودِ لآدم كِبرًا مِنْهُ وعُلُوًّا؛ قالَ تعالَى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ .
إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [ص:73-74]، فَتَرْك أمر الله اسْتِكْبارًا على الله، وعِنادًا لأمرِه يَدْخُل في هذا النَّوعِ منَ الكُفرِ.
وكَذلِكَ إذا فَعَلَ بِجوارِحِهِ فِعلًا مُناقضًا للإيمان؛ كأنْ يُلقِي بالمُصْحَفِ أو شيءٍ مِنَ القُرآن بإرادَتِه في نجاسةٍ، أو يُهينُه، أو يأتِي بحركاتٍ مُسْتَهزِئةٍ بِشَعيرةٍ مِنْ شعائِرِ الإسلامِ عالِمًا مَعنَى أفعاله، ومُريدًا لِفِعلِها، ولكِنْ مِنَ المُهمِّ جدًّا أن يعلمَ القارئُ أنَّ الحُكْم على إنسانٍ بِعَيْنه بالكُفرِ لهُ شُروط، وانتفاء موانِعٍ لأنَّه يترتَّب عليه أحكام..
ولَيس الغرض الحديثَ عَنْ هذهِ التّفاصِيلِ، بلِ الغرضُ تنبيهُ المُسلِمِ لمُراجَعَةِ مساره وطَرِيقِه معَ اللهِ؛ فإنَّ الجن َّةَ سلعةٌ غالية، والنّارُ حُفرةٌ ضارية، والدُّنيا وضيعة فانية، والعاقل لا يُفرِّط في اللَّذَّةِ الباقية مؤثرًا عليها اللّذَّةَ الدَّنية الزّائلة! فعارٌ على الحُرِّ الأبي ألَّا يستَشرِف الشَّرَفَ العالي، والمَقام الهانىء، وأن يسْتَبدِلَ الجنَّةَ العاليةَ وقُطوفَها الدّانيةَ بـخِزي الدُّنيا والآخرةِ.
وآخرُ دعوانَا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ.