عنوان الفتوى : حكم القصر والجمع قبل الشروع في السفر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شخص في مكان بعيد عن بيتي مسافة تزيد عن 300 كيلومتر، والسفر يتم بالسيارة، التي تصل إلى مكاني بعد المغرب، وأصل إلى البيت وقت الفجر.
هل أقصر وأجمع العشاء مع المغرب قبل بداية السفر، علما بأن غالبية الطريق صحراء، والسيارة لا تقف في العمران؛ لأنها تكون على سفر لمسافة أكبر؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك قصر الصلاة قبل الشروع في السفر، ومجاوزة بيوت المِصْر الذي كنت تقيم فيه إقامة تقطع حكم السفر؛ لأن المسافر لا يترخص برخص السفر حتى يبدأ بالسفر فعلا؛ لقوله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ {النساء:101}.

فقصر الصلاة مشروط بحصول الضرب في الأرض فعلا -أي السفر- وهو ما لم يحصل منك.

وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وهو المفتى به في الموقع. فالواجب عليك في هذه الحالة أن تصلي كل صلاة تامة من غير قصر.

أما عن الجمع؛ فإن الأصل أن تصلي كل صلاة في ووقتها، لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}.

ولكن بعض أهل العلم أجازوا الجمع - من دون قصر- قبل بداية السفر إذا دعت الحاجة إليه، وكان في التفريق بين الصلاتين حرج على المصلي.

وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -كما جاء في الفتاوى الكبرى- حيث قال: وَالْقَصْرُ سَبَبُهُ السَّفَرُ خَاصَّةً، لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ السَّفَرِ.

وَأَمَّا الْجَمْعُ فَسَبَبُهُ الْحَاجَةُ وَالْعُذْرُ، فَإِذَا احْتَاجَ إلَيْهِ جَمَعَ. اهـ.

وإذا بدأت السفر بالفعل، وجاوزت بيوت المكان الذي تسافر منه، فلك أن تترخص بجميع رخص السفر من قصر الصلاة الرباعية، وجمع مشتركتي الوقت -الظهر والعصر، والمغرب والعشاء-. وإذا أمكن أن تتوقف في الصحراء، أو في العمران وتؤدي الصلاة قصرا وجمعا تقديما أو تأخيرا، فَبِها ونِعْمت.

وإذا لم يمكن ذلك، وخشيت خروج وقت الفريضة قبل الوصول، ولم يمكن توقف السيارة؛ فعليك أن تصلي في السيارة على الحالة التي تستطيع -احتراما للوقت- لعموم قول الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

وقال النووي في المجموع وشرح صحيح مسلم: وَلَوْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَهُمْ سَائِرُونَ، وَخَافَ لَوْ نَزَلَ لِيُصَلِّيَهَا عَلَى الْأَرْضِ إلَى الْقِبْلَةِ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَإِخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا، بَلْ يُصَلِّيهَا عَلَى الدَّابَّةِ؛ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. انتهى.

هذا؛ وننبه إلى أنه إذا كان المكان الذي تنطلق منه رحلتك ليس هو مكان إقامتك التي تقطع حكم السفر؛ فإنه يجوز لك القصر والجمع قبل انطلاقك منه إذا دخل وقت الأولى من مشتركتي الوقت.

وللمزيد من الفائدة، انظر الفتاوى: 1887، 24458، 200313.

والله أعلم.