عنوان الفتوى : مسألة تعليق الطلاق على أمر واقع بالفعل
وصلتني رسالة من زوجي: أي بنطلون تلبسينه، وأجدك قد قمت بتشميره تكونين طالقا، وعند قراءتي للرسالة كنت مشمرة بنطلوني أصلا.
فهل وقعت الطلقة بهذا؟ وهل يجب أن أخبره أنني كنت مشمرة عنه؟ مع العلم أنني لو أخبرته فستزداد المشاكل جدا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا؛ أنّ الطلاق المعلّق؛ يقع عند حصول المعلّق عليه؛ سواء قُصِدَ به إيقاع الطلاق، أو قصد به التهديد، أو التأكيد، ونحوه، وهذا قول جماهير أهل العلم، بمن فيهم الأئمة الأربعة -رحمهم الله-.
وذهب بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنّ الطلاق المعلّق بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ لا يقع، ولكن تلزم بالحنث فيه كفارة يمين، وراجعي الفتوى: 11592.
ولم تبيني لنا في سؤالك؛ هل غيرت هيئة البنطلون بعد قراءة الرسالة أم لا؟ فإن كنت غيرت الهيئة في الحال؛ فلم يقع طلاقك، ولا حاجة لإخبار زوجك.
جاء في النهر الفائق شرح كنز الدقائق: لو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه، أو لا يركب هذه الدابة وهو راكبها، أو لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها، فمكث ساعة، حنث، فلو نزع الثوب، أو نزل وأخذ في النقلة من ساعته، لم يحنث. انتهى.
وفي الأصل للشيباني: وإذا قال الرجل لامرأته وهي راكبة دابة: إن ركبت هذه الدابة فأنت طالق ثلاثًا، فمكثت بعد اليمين على الدابة ساعة، وقع الطلاق عليها، وكذلك إذا قال لها: إن لبست هذا الثوب، وهو عليها. انتهى.
وأمّا إذا استدمت لبس البنطلون على الهيئة التي نهاك عنها؛ ففي المسألة تفصيل، حسب نية الزوج بما كتبه في الرسالة؛ لأنّ الراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصّص العام، وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها: أن ينوي بالعام الخاص....... ومنها: أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
وما دام في المسألة تفصيل؛ فالصواب أن تعرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم؛ المشهود لهم بالعلم والديانة، وتعملوا بفتواهم.
والله أعلم.