عنوان الفتوى : تُقَدَّم النية في اليمين على ظاهر اللفظ
اختلفت أنا وأخي على إنشاء باب في طريق جانبي لصالح أختي، وقمت بإنشاء الباب. وعندما رأى أخي الباب حاول إزالته قبل أذان المغرب، فحلفت بالطلاق بعدم إزالته اليوم. وبعد تدخل أبناء العمومة تم إقناعه، وعودة الجميع إلى المنزل، وكنت موجودا إلى ما بعد الساعة الواحدة ليلا، وكان كل شيء على ما يرام. وفي الصباح فوجئنا بأن أحدا صدم الباب، وتم إسقاطه عن طريق الخطأ بسيارة. فهل وقع الطلاق أم لا؟ وكيف يحسب هذا اليوم الذي تم فيه الحلف؟
وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق، وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وهذا هو المفتى به عندنا.
لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق، الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.
وهذا الرأي هو المعمول به في أغلب المحاكم الشرعية، لكن الحكم بحنثك في يمينك هذه يتوقف على نيتك بما تلفظت به، هل قصدت عدم إزالة الباب بكل سبيل، أو قصدت منع أخيك من إزالته؟ وهل قصدت باليوم النهار فقط؟ أو قصدت النهار والليلة التي بعده؟
فالراجح عندنا؛ مراعاة النية في اليمين، وتقديمها على ظاهر اللفظ.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في عمدة الفقه: باب جامع الأيمان: ويرجع فيها إلى النية، فيما يحتمله اللفظ ....... فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين، وما هيجها، فيقوم مقام نيته، لدلالته عليها، فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه. انتهى.
وقال -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
وراجع الفتوى: 312247.
وما دام في المسألة تفصيل يتوقف على معرفة نية الحالف؛ فالصواب أن يشافه الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم، والديانة، ويعمل بفتواهم.
وننبه إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق: فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ فينبغي الحذر من الوقوع فيه.
والله أعلم.