عنوان الفتوى : شيكات الضمان.. حالات وجوب الأداء وعدمه
دخلنا في مشروع تجاري مع صديق نثق فيه، وقد أعطاني شيكات ضمان، ثم عرضت على أصدقاء لي يثقون في الدخول في التجارة، على الربح والخسارة، وكتبت لهم شيكات ضمان مني، لنثبت مشاركتهم، علما أن الشيكات التي أصدرها صديقي تغطي المبلغ الذي يخصني، ومبالغ أصدقائي، فدخل صديقنا ـ صاحب التجارة ـ السجن، لأن عليه شيكات لأناس آخرين، وهو محل ثقة بالنسبة، لي، وأعرفه منذ سنين، وهو جاري، وكنا نصلي الفجر سوية لأعوام عديدة، ولا نعرف متى يخرج من السجن، وهو مقر بالمبالغ، ومعترف بها، فهل أنا مجبر على دفع مبالغ الشيكات التي أصدرتها لأصدقائي كشيكات ضمان؟ وأصدقائي الآن يهددون برفع الشيكات إلى المحكمة، وربما السجن، وأنا لا أملك تغطية لمبالغهم، وليس أمامي حل سوى أن آخذ قرضا من البنك، لأسدد لهم، وإلا فمصيري السجن، وبالتالي: خسارة عملي، ودمار عائلتي، ولدي ولد مريض، ولديه إعاقة، فهل علي إثم إذا أخذت القرض؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستحقاق أصدقائك لقيمة شيكات الضمان، فرع عن استحقاقهم لضمان مبلغ الاستثمار، وهذا لا يكون إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير المضارب، أو تعديه، وأما إذا حصلت الخسارة دون تعد، ولا تفريط، فلا يضمن المضارب شيئا من الخسارة، وإذا صح تضمين المضارب عند التعدي، أو التقصير، صحَّ أن يكفله غيره فيما يضمن، وبهذا قال جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والشافعية في مقابل الأصح عندهم، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بضمان ما لم يجب، وراجع في ذلك الفتويين: 35955، 412558.
وعلى ذلك، إذا وجب الضمان على المضارب، فإنه يجب على ضامنه، فإذا كان السائل ضمن المضارب عند أصدقائه - يعني أنه التزام بأداء ما يجب عليه من حق بسبب المضاربة - فإنه يجب عليه أداء ذلك عند ثبوته، وأما إذا لم يلتزم بذلك عند أصدقائه، وإنما كتب ما كتب من الشيكات لمجرد إثبات مشاركتهم في المضاربة، كما يفهم من السؤال، فلا يلزمه الضمان.
وأما إذا كان السائل قد التزم لأصدقائه بضمان خسارة المضاربة مطلقا، سواء فرط المضارب، وتعدى أم لا، ولولا ذلك لما شاركوا، فيلزمه الوفاء بوعده على الراجح، وانظر الفتوى: 12729.
ومثل هذا الوعد من طرف ثالث - غير الممول، والمضارب - مشروع في الجملة، بشروط سبق ذكرها في الفتويين: 97803، 25960.
فأما عن الاقتراض بالربا لأجل ما ذكرتَ: فإن الاقتراض بالربا محرم شرعا، والمحرمات لا تباح إلا في حال الضرورة؛ لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ. {سورة الأنعام:119}.
وقد بينا في الفتوى: 462772، بعض صورة الضرورة التي يُرخص لصاحبها في الاقتراض بالربا، ومنها دخول السجن، إذا لم يجد المدين من يقرضه قرضا حسنا، فحينئذٍ يرخص له فيه، بقدر ضرورته.
والذي يمكننا قوله لك باختصار: هو أنا ننصحك بعدم الاقتراض بالربا، لمجرد التهديد بالسجن، مع محاولة البحث عمن يقرضك قرضا حسنا، فإن لم تجد، وعلمت أن الدائنين سيقومون بسجنك، فيرجى أن يرخص لك في هذه الحال أن تقترض بالربا بقدر دينك فحسب، وانظر للفائدة الفتوى: 48727.
والله أعلم.