عنوان الفتوى : أحكام الشروع في القتل
حكم القتل في الإسلام معروف بمختلف أنواعه. ولكن ما حكم الشروع في القتل: أي إذا حاول أحد قتلي، وفشل في ذلك. فما حكم الشرع فيه؟
وإذا حاول أحد قتلي ولم يستطع؛ لأني قبضت عليه، ثم قتلته. فهل علي ذنب؟
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن محاولة الشخص قتل غيره والشروع فيه دون وقوع القتل، لا يبيح دم الشخص، ولا يسوِّغ قتله، بل قاتله آثم، ويُقتَصُّ منه!
وقد روى ابن شبة في تاريخ المدينة عن سليمان بن يسار: أن رجلا عراقيا رصد عثمان -رضي الله عنه- ليقتله، فظهر عليه. فاستشار فيه المهاجرين الأولين، فلم يروا عليه قتلا، فأرسله.
نعم، إذا صال عليك شخص وأراد قتلك، فإنه يشرع لك دفعه، لكن الدفع يكون بالأخف فالأخف، فإذا أمكن الهرب منه -مثلا- لم يجز قتله.
وأما إذا لم يمكن دفع الصائل إلا بقتله، فدمه هدر، ولا إثم على قاتله، وانظر في هذا الفتاوى: 112762- 17038- 259600
والشروع في القتل معصية، وليس لها عقوبة محددة في الشرع، ففيها التعزير -وهو عقوبة على كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة، ويرجع في تقديرها إلى اجتهاد الإمام-.
قال برهان الدين ابن مفلح في المبدع شرح المقنع: لو جنى عليه فلم يُتلِف شيئًا، استحق التعزير.اهـ.
وانظر تفصيل أحكام التعزير في الفتاوى: 134374 34616 117180.
لكن إذا كان الشروع في القتل قد أحدث في المجني عليه أثرا يوجب القصاص -كقطع أطرافه مثلا- فإن المجني يستحق القصاص من الجاني بمثل تلك الجناية -لكن القصاص لا يستوفى إلا بالرجوع إلى الإمام -كما هو مبين في الفتوى: 13598-.
وإن كان الأثر الذي أحدثته محاولة القتل في المجني عليه مما لا قصاص فيه، فإن المجني عليه يستحق الدية أو الحُكومة.
قال الأستاذ عبد القادر عودة في كتابه: «التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي»: الشروع في القتل: يختلف حكم الشروع في القتل تبعاً لأثر الشروع، فإن كان الشروع قد أحدث أثراً -قصدنا بالأثر معناه العام؛ فيدخل فيه الشجاج والجراح، وقطع الأطراف، وإتلاف معانيها- يقتص منه، فالعقوبة القصاص، وإن أحدث أثراً لا يقتص منه، أو أثراً يمتنع فيه القصاص، فالعقوبة الدية أو الأَرْش...
أما الشروع الذي لم يترك أثراً فعقوبته في الشريعة التعزير. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتوى: 323236
والله أعلم.