عنوان الفتوى : السفر الذي تقصر فيه الصلاة
لن أطيل الحديث لعلمي بضيق وقتكم و انشغالكم بكثرة الأسئلة وكنت أريد أن أسأل: أنا طالبة في كلية تجارة إنجليزي في مدينة بنها وأسكن في مدينة السادس من أكتوبر التي تبعد عن بنها بحوالي 80 كيلومتر تقريبا, وأنا أذهب إلى الجامعة يومياً. ولا أستطيع الصلاة من طول المشوار وتعبه, فهل أستطيع أن أقصر في الصلاة, يعني أصلي الظهر والعصر ركعتين بدل أربعة, والعشاء أيضا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن مسافة القصر تبلغ 83 كيلومترا تقريبا، بدليل أن ابن عباس وابن عمر كانا يقصران ويفطران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا، كما في البخاري. قال في "المغني": قدر ابن عباس الأربعة برد من جدة إلى مكة، وهذه المسافة الآن تقدر بما سبق، فإذا بلغت المسافة بين البلدتين تلك المسافة، فيجوز لك قصر الرباعية ركعتين في فترة الذهاب إلى محل الدراسة، بشرط أن تخرجي من المدينة التي تقيمين فيها وتتجاوزي بساتينها المتصلة بها، وكذلك الحكم في محل الدراسة تقصرين صلاتك الرباعية ركعتين، وكذلك في فترة الإياب تقصرين، فإن أخرت الصلاة حتى دخلت المدينة محل الإقامة وكان الوقت باقيا، وجب إتمامها، لأن حكم السفر ينتهي بالرجوع إلى محل الإقامة، هذا إذا كنت تسافرين مع محرم من زوج أو أخ، وإلا، فلا يجوز لك قصر الصلاة على الراجح، لأن العلماء اشترطوا في جواز قصر الصلاة في السفر أن يكون سفر مباحا، ولا شك أن سفر المرأة يغير محرم لا يجوز، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثا إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لمسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في "الشرح الممتع على زاد المستنقع": عند تعريفه للسفر المباح والسفر المحرم، قال: ومن السفر المحرم سفر المرأة بلا محرم، ثم قال: فلو سافر الإنسان سفرا محرما لم يبح له القصر، لأن المسافر سفر معصية لا ينبغي أن يرخص له، إذ أن الرخصة تسهيل وتيسير على المكلف، والمسافر سفرا محرما لا يستحق أن يسهل عليه ويرخص له، فلهذا منع من رخص السفر، فمنع القصر في الصلاة.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة وشيخ الإسلام وجماعة من العلماء إلى أنه لا يشترط الإباحة لجواز قصر السفر، وأن الإنسان يجوز أن يقصر حتى في السفر المحرم، لكن الصحيح القول بالتحريم، وهو الاحتياط.
والله أعلم.