عنوان الفتوى : تأخير صلاة العصر من أجل دراسة الثانوية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرّرت العودة إلى الله، والتوبة من جميع ذنوبي التي كنت غارقًا فيها، ولكن المشكلة في الصلاة؛ فأنا أدرس في الثانوية صباحًا ومساء، ولا يمكنني أداء صلاة العصر في وقتها، ولا أستطيع أيضًا ترك الثانوية، فهل عليّ تأخير صلاة العصر من أجل الثانوية؛ لأنه ليس لديّ خيار غير ذلك؟ جزاكم الله خيرًا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهنيئًا لك أولًا على عزمك على التوبة إلى الله تعالى، وأبشِرْ برحمة الله ومغفرته؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

وإن من توبتك أن تحافظ على أداء الصلوات في وقتها المحدّد لها شرعًا.

فإن كنت تعني بتأخير العصر أي إلى ما بعد غروب الشمس؛ فهذا لا يجوز قطعًا، ولا يوجد عذر يباح معه تعمّد إخراج العصر حتى تغرب الشمس، ولا ندري ما هو المانع الذي لا تستطيع معه أداء الصلاة في المدرسة، لا سيما أن السؤال وارد من إحدى بلاد المسلمين، بل حتى الطلبة المسلمون في البلاد غير الإسلامية يصلّون في المدرسة؛ فيُستبعد وجود مانع يمنعك من الصلاة في وقتها في المدرسة، لا سيما أيضًا أن وقت أداء الصلاة يسير، وإن كنت تعني تأخيرها عن أدائها في جماعة المسجد، أو إلى ما بعد الدوام المدرسي، وقبل غروب الشمس فلا إشكال في ذلك حينئذ.

وعلى كل حال فاجتهِدْ في المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، وستجد التوفيق والتأييد من العليّ الخبير سبحانه.

واحذرْ أشدّ الحذر من العودة إلى التفريط فيها بعد توبتك؛ فالتفريط في المحافظة عليها في وقتها أمر خطير؛ إذ الصلاة أعظم أمور الدِّين بعد الإيمان، ولا حظّ في الإسلام لمن ضيّعها، فتأخير الصلاة المفروضة بغير عذر حتى يخرج وقتها كبيرة من الكبائر، وليست معصية يسيرة، فقد قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وقال جل شأنه: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ {المدثر:42-43}.

وقد جاءت أحاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فيها عن عظيم خطر التهاون بها، منها: حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله شيئًا إن قطّعت أو حرّقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدًا، فمن تركها متعمدًا؛ فقد برئت منه الذمّة، ولا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

وقال ابن كثير في تفسيره: وقال الأوزاعي، عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مُخَيمرة في قوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ ـ قال: إنما أضاعوا المواقيت، ولو كان تركًا كان كفرًا.

وقال مسروق: لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهنّ الهلكة، وإفراطهنّ: إضاعتهنّ عن وقتهنّ.

وقال الأوزاعي، عن إبراهيم بن يزيد: أن عمر بن عبد العزيز قرأ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ـ ثم قال: لم تكن إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا الوقت. اهــ.

وانظر الفتوى: 329254 حول تأخير العصر إلى وقت الضرورة بسبب الدراسة، والفتوى: 47570، والفتوى: 284395.

والله أعلم.