عنوان الفتوى : مَن عقد على فتاة ولم يدخل بها ووقع في الفاحشة مع أخرى، فماذا ينبغي عليه؟
أنا شاب عربيّ مقيم في بلد آخر، تقدّمت لخطبة فتاة من منطقتي تعيش في بلدي، وقد قَبِل أهلها -والحمد لله-، وعقدت عليها عقدًا شرعيًّا ومدنيًّا، ولكني لم أدخل عليها، ولم ألتقِ بها، ثم رجعتُ إلى بلد العمل، وبعد مدة قصيرة تعرّفت إلى فتاة أخرى، ومن كلمة إلى كلمة وقعت محادثات، وأعمى الشيطان على بصيرتي إلى أن وقعت مقابلات، إلى أن أوقعنا الشيطان في كبيرة الزنى -أعاذكم الله-، وأفقدت تلك الفتاة عذريتها، علمًا أنها لم تكن مُكرَهة، ويشهد الله أننا تبنا وندمنا، وعدنا إلى الله عز وجل، وأقلعنا إقلاعًا لا رجعة فيه -إن شاء الله-.
أريد النصح من فضيلتكم، فأنا أريد أن أستر على الفتاة التي ارتكبت معها ذلك الجُرم، فهل أطلّق زوجتي التي لم أدخل عليها، ولم أَخْلُ بها إلى الآن، وأتزوّج تلك التي أفقدتها عذريتها من أجل الستر عليها وعلى نفسي، أو أتركها في هذه الحالة، وأواصل زواجي من زوجتي؟ علمًا أني لا أستطيع الجمع بينهما.
أريد رأيكم -بارك الله فيكم-، فقد تبت، وأنا أستغفر الله دائمًا، وأحافظ على صلاتي، إلا أن ضميري يؤنبني إن تركت تلك الفتاة على حالتها، فأفيدونا مأجورين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتما بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم الذي حذّر الله عزّ وجلّ منه في كتابه، فقال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، وهذا النهي عن قربان الزنى يعني اجتناب وسائله، قال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدّماته، ودواعيه؛ فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داعٍ إليه. اهـ.
فالواجب الحذر من التساهل في التعامل بينكما في المستقبل، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما، ويرزقكما الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
وإذا أمكنك الزواج منها لتُحسِن إليها، وتُعِفَّها، لكان أمرًا حسنًا.
وإن لم يكن ذلك ممكنًا -كما ذكرت-، فأمسِكْ عليك زوجتك، واجتهد في سبيل إتمام الزواج، وادعُ لهذه الفتاة أن ييسر الله عزّ وجلّ لها الزوج الصالح.
والله أعلم.