عنوان الفتوى : زوجة أخيها تسيء إليها لأنها ملتزمة وتكرهها
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة ومشكلتي هي أن زوجة أخي تسئ معاملتها لي دائما وعندما سألتها أختي عن سبب ذلك قالت إنها لا تحب المطاوعة !! وتقصد من ذلك أنني أنا ملتزمة لذلك لا تحبني ، وقد عانيت كثيراً من سوء معاملتها لي لدرجة أنني عندما تزورنا أسلم عليها ثم أجلس في غرفتي حتى تذهب لأنني إذا جلست معها تبدأ تسب الملتزمين وتقصد من ذلك الإساءة لي ، وعندما أنصحها تنظر لي بنظرة سخرية واستهزاء ثم تتركني وتذهب ، وفي الآونة الأخيرة أصبحت لا تريد التحدث معي أبداً ، فهل يجوز لي معاملتها بالمثل بأن لا أكلمها - مع العلم أنني نصحتها في السابق عدة مرات ولكنها تزيد عناداً - ؟ وقد نصحتني إحدى أخواتي الملتزمات بأن أبتعد عن زوجة أخي قدر الإمكان لأنها لا تصلي إلا نادرا وتكثر من سب الملتزمين ، وأنا الآن في حيرة من أمري وأتمنى من فضيلتكم إرشادي إلى أفضل طريقة للتعامل مع هذه المشكلة .
الحمد لله
أولاً :
أما تارك الصلاة فقد بيّنا حكمه وأن بعض العلماء – وهو الراجح - قد حكم بكفره وعدم تزويجه أو بقاء الزوجة عنده وحرمة ذبيحته إلى غير ذلك من أحكام قد ذكرناها مفصّلة ،
فانظري جواب السؤال ( 83165 ) و ( 20059 ) .
ثانياً :
أما استهزاء زوجة أخيكِ بالملتزمين وسبهم والسخرية منهم : فلتعلم أنها بهذه الأفعال على خطر عظيم ، وأن هذه الأفعال قد تخرجها من الملة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب قائلا : الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جدّاً على المرء ، لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65–66 ، فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا : " ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء – يعنون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه – أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء " . فأنزل الله فيهم هذه الآية .
فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين فإن الله - سبحانه وتعالى – يقول : ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون . وإذا مروا بهم يتغامزون . وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين . وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون . وما أرسلوا عليهم حافظين . فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . على الأرائك ينظرون . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) المطففين/29–36 .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 236 ) .
وسب المسلم من كبائر الذنوب ، وبخاصة إذا سبَّهم لالتزامهم واستقامتهم ، وهنا يُخشى على السَّابِّ أن يقع في الردة ، كما سبق في الاستهزاء .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " . رواه البخاري ( 48 ) ومسلم ( 64 ) .
قال النووي :
السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه ، والفسق في اللغة : الخروج . والمراد به في الشرع : الخروج عن الطاعة .
وأما معنى الحديث : فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة ، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ." شرح مسلم " ( 2 / 53 ، 54 ) .
فننصحك بإيصال النصح لها ولو كان ذلك عن طريق أخيك لكان أفضل ، وأوقفيه على حكم أفعالها في الشرع ، وليحرص على هدايتها ببذل ما يستطيعه من وسائل .
ولا ننصحك بمجالستها إلا أن تتوب وترجع إلى ربها عز وجل ، ونخشى عليكِ من ردة الفعل تجاهها ، كما نخشى عليها من زيادة الإثم كلما رأتكِ أو جلست معكِ .
وقال تعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/68 .
وقد يكون كلامك معها ، وعدم مقاطعتك لها أنفع لها لما فيه من تأليف قلبها ، ولتقتصري على مثل السلام والترحيب بها والسؤال عن أحوالها من غير الخوض معها في نقاشات مما قد يجرها إلى الوقوع في المحرم .
ولا تنسي - مع بذل الجهد في نصحها – أن تدعي لها بالهداية والصلاح .
والله أعلم .