اليوم الآخر ولقاء الله عز وجل
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
اليوم الآخر ولقاء الله عزَّ وجلَّبسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
• قال الله - جَلَّ وَعَلَا - في سورة الفاتحة: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، الإيمان بالله.
من المظاهر الدالة على ضعف الإيمان باليوم الآخر: ضعف الإيمان بلقاء الله تعالى - جل جلاله - يقول الحقّ • سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ﴾ [يونس: 15]، لماذا قالوا ذلك؟ لضعفِ لقاء الله في قلوبهم.
وفي المقابل نجد أنَّ أهل الطاعة في محراب عبوديتهم لله الواحد الديان، لا يقوون على فعل الطاعات إلا باستحضارهم للقاء الله، ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45-46].
كمُل علمهم بلقاء الله وهم يرون في كل يومٍ أسراب الجنائز تتقدم للقاء الله - جَلَّ وَعَلَا - في ذلك اليوم العظيم.
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا
وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
يقول علي - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ -: «ارتحلت الدنيا مدبرةً وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدةٍ منها بنون، فكونوا من أبناء الآخر ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنَّ اليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل»، ويقول - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين» [1].
• وأنت تقرأ في الفاتحة كل يومٍ قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، لا يزال هذا الإيمان يهدي العبد إلى كل خيرٍ، ويدلهُ على كل فلاحٍ، وعلى كل سعادةٍ في الدنيا والآخرة، وانظروا إلى المفارقة في قصة طالوت مع قومهِ، ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ﴾[البقرة: 249].
وجاء في سياق هذه الآية ساعة المفارقة والنصر والهزيمة اَلتِي ذكرها الله - جَلَّ وَعَلَا - في هذه الآية، وهي تتوقف على مدى رسوخ الإيمان بلقاء الله في حياة القوم، ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].
فما صبر في ميدان الجهاد وإعلاء كلمة الله إلا اَلذِين يظنون أنهم ملاقون الله، أمَّا مَنْ لم يرسخ الإيمان في قلبهِ، ﴿ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249].
فلنستشعر هذه المعاني في سورة الفاتحة ونحن نقرأ ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، فاللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله رب العالمين
[1] حسنه الألباني.