عنوان الفتوى : معنى الاستواء والفرق بين العرش والكرسي
بنتي سألتني هل الله جالس على كرسيه أم على العرش؟ والكرسي عرضه السموات والأرض. ما مواصفات العرش؟ وهل الكرسي والعرش واحد، أم كل على حدة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت بنص القرآن استواء الله تعالى على عرشه، في سبع مواضع من كتاب الله تعالى، أولها في سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ {الأعراف:54}، وآخرها في سورة الحديد: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ {الحديد:4}.
وتفسير الاستواء بالجلوس ليس معروفا عن السلف، وإنما المعروف تفسيره بالارتفاع والعلو والاستقرار.
قال الإمام ابن عبد البر في «التمهيد»: الاستواء: الاستقرار في العلو. اهـ. وراجعي في ذلك الفتويين: 135889، 172147.
وأما الكرسي؛ فلم يذكر في كتاب الله تعالى إلا في موضع واحد، وهو قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {البقرة:255}.
فالعرش والكرسي ليسا شيئا واحدا، بل لا مقارنة بينهما، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة. رواه ابن حبان في صحيحه. وانظري الفتوى: 96343.
وأصح الأقوال في تفسير الكرسي أنه موضع القدمين من العرش، فقد ورد ذلك عن أبي موسى الأشعري، وابن عباس، وابن مسعود، ومجاهد، وغيرهم، وانظر الفتوى: 356392.
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: هو كما قال غير واحد من السلف بين يدي العرش كالمرقاة إليه. اهـ.
وقال ابن أبي زمنين في أصول السنة: ومن قول أهل السنة: أن الكرسي بين يدي العرش، وأنه موضع القدمين. اهـ.
وقال القرطبي في تفسيره: والذي تقتضيه الأحاديث أن الكرسي مخلوق بين يدي العرش، والعرش أعظم منه. اهـ.
وبهذا يظهر الفرق بين العرش والكرسي.
وأما صفات العرش، فهو أعظم المخلوقات وأوسعها وأعلاها وأثقلها، وهو أول المخلوقات عند جمهور العلماء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن أبي العز الحنفي، وابن كثير، ومال إليه ابن حجر.
وشكله مقبب، فهو فوق السموات كهيئة القبة، وله قوائم، وتحمله الملائكة، ووصفه الله تعالى بأنه عظيم، وأنه كريم، وأنه مجيد.
ويمكنك الرجوع في تفصيل ذلك إلى كتب العقيدة والتفسير، وإلى ما أفرده فيه جماعة من أهل العلم، ككتاب: (العرش وما روي فيه) لابن أبي شيبة، وكتاب (العرش) للذهبي.
والله أعلم.