عنوان الفتوى : هل يصح تفسير الاستواء بالجلوس
ما قولكم في أن الله يجلس على العرش وقد أشكل علينا قول شيخ من أهل السنة والجماعة أن الله يجلس على العرش؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فسر السلف ـ رحمهم الله ـ الاستواء بالارتفاع والعلو، ومنهم من فسره بالاستقرار، وأما تفسيره بالجلوس فليس مشهورا ولا معروفا عنهم، وإن كان ابن القيم قد أورد هذا التفسير في الصواعق عن خارجة بن مصعب، وأثبت الجلوس للرب تعالى الدارقطني في نظم له مشهور، ولكن الورع ترك إطلاق هذه العبارة والوقوف في تفسير الاستواء على ما اشتهر نقله عن السلف ـ رحمهم الله ـ قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: الله تعالى وصف نفسه بأنه على العرش استوى في سبعة مواضع من القرآن، وفسر العلماء الاستواء بما يدل على العلو والارتفاع والاستقرار، والتزموا نفي العلم بالكيفية وتفويضها إلى الله، ولا أذكر في كتب السلف التفسير بالجلوس، فنسبته إلى أهل السنة أو أئمة الدعوة كذب عليهم. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: فأما تفسير استواء الله تعالى على عرشه باستقراره عليه فهو مشهور عن السلف، نقله ابن القيم في النونية وغيره، وأما الجلوس والقعود فقد ذكره بعضهم، لكن في نفسي منه شيء. انتهى.
والإكثار من الخوض في هذا والتماري فيه مما لا ينبغي، فلتسلك جادة السلف المطروقة وهي إمرار الصفات كما جاءت من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل، بل نثبت الصفات على ما يليق بجلال الرب تعالى، فكما أن ذاته لا تشبه ذوات المخلوقين فكذا صفاته لا تشبه صفات المخلوقين، والمقطوع به أن من فسر الاستواء بالجلوس إن ثبت هذا عن السلف أو من جوز تفسيره به من أهل العلم وجعله من معانيه يجريه على هذه القاعدة المتينة التي رسخها كتاب الله تعالى في مثل قوله جل اسمه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {الشورى:11}.
وقوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا {مريم:65}.
وقوله: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طه:110}.
فعض على هذا الأصل بالنواجذ والزم طريقة السلف من إثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله صلى الله عليه وسلم مجانبا التمثيل والتعطيل.
والله أعلم.