عنوان الفتوى : الجمع بين قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" وقوله: "وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله"
أين الله عز وجل؟ فقد قرأت قوله: (الرحمن على العرش استوى) في سورة طه، وقوله: (ثم استوى على العرش) في سورة يونس، وقرأت أيضًا قوله في سورة الزخرف: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم)، فهل الله مستوٍ على العرش، أم في الأرض أيضًا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقرآن يصدّق بعضه بعضًا، فآية الزخرف تدلّ أنه سبحانه تعالى إله أهل السماء، وإله أهل الأرض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: وقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إلَهٌ} أَيْ: هُوَ إلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وَكَذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} كَمَا فَسَّرَهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ، كَالْإِمَامِ أَحْمَد، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَأَجْمَعَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى بَائِنٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ. اهـ.
والآيتان الأخريان تدلّان على إثبات استواء على العرش، فإن الذي يعتقده أهل السنة والجماعة أن الله تعالى متّصف بالعلوّ، وأنه استوى على عرشه، وعرشه فوق سمائه، فالله تعالى فوق كل شيء، بائن من خلقه، وهذا هو ما أجمع عليه سلف الأمة -من الصحابة، والتابعين، وأهل القرون المفضلة-، وهذا ما دلّت عليه نصوص الكتاب، والسنة، قال الله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {الأعلى:1}، وقال الله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ {النحل:50}، وقال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ {الرعد:2} في سبعة مواضع من القرآن، وقال الله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ {فاطر:10}، وقال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ {النساء:158}، وقال الله تعالى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ {الملك:16}.
وقال الإمام الأوزاعي: كنا والتابعون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته. اهـ.
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في رده على بشر المريسي: اتّفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه، فوق سماواته. اهـ.
وللفائدة، يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 66332، 76111.
والله أعلم.