عنوان الفتوى : العقد الذي ينص على تأبيد الإجارة عقد فاسد مفسوخ
تعاقدت مع شركة لإدارتها، وكان من امتيازات العقد أنه يمتد طول عمر الشركة بدون تحديد مدة بعينها، ونص في العقد على أنهم لا يجوز لهم فصلي، أو تغيير منصبي، وأن العقد لا ينتهي إلا بالإتيان بعمل مخل بالأمانة والشرف، أو بالعجز عن أداء العمل سواء بالوفاة، أو المرض، أو التقدم في السن دون وضع سن محددة. وهو كعقد التثبيت في الوظائف الحكومية، غير محدد المدة تقريبا.
وهم الآن يريدون فسخ العقد بحجة أنه عقد إجارة غير محدد المدة، وبناء عليه فهو عقد باطل، أو يحمل على المشاهرة -كإجارة الأعيان-، ولا يريدون تحديد مدة، ولا تجديد العقد من أول الشهر، ولا يريدون دفع أي تعويضات. وهذا وفقا لما ذكره أحد الشيوخ الأفاضل وهو شافعي المذهب.
فهل العقد صحيح أم باطل كما يدعون، خاصة على مذهب الشافعية؟
أفتونا أثابكم الله.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا تصح الإجارة إلا إذا كانت المنفعة المعقود عليها معلومة، وهي تُعلَم إما بالمدة، وإما بالعمل، وإلا بطلت الإجارة.
قال النووي في روضة الطالبين في بيان شروط صحة المنفعة: كون المنفعة معلومة العين والقدر والصفة ... ثم المنافع تقدر بطريقين: أحدهما: الزمان، كاستأجرت الدار للسكنى سنة. والثاني: العمل، كاستأجرتك لتخيط هذا الثوب ...
وقد يسوغ الطريقان، كما إذا استأجر عين شخص أو دابة، فيمكن أن يقول في الشخص: ليعمل لي كذا شهرا، وأن يقول: ليخيط لي هذا الثوب. اهـ.
وهذا محل اتفاق بين المذاهب في الجملة.
قال القرطبي في المفهم: الإجماع قد انعقد على منع الإجارة المجهولة، فيما من شأنه أن يعرف العمل فيه بالزمان. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة. ولا خلاف في هذا نعلمه؛ لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه المعرفة له، فوجب أن تكون معلومة، كعدد المكيلات فيما بيع بالكيل. اهـ.
وقال أيضا: الإجارة على ضربين: أحدهما: أن يعقدها على مدة. والثاني: أن يعقدها على عمل معلوم، كبناء حائط وخياطة قميص ... فإذا كان المستأجر مما له عمل .. جاز فيه الوجهان؛ لأن له عملا تتقدر منافعه به، وإن لم يكن له عمل كالدار والأرض لم يجز إلا على مدة. اهـ.
وعلى ذلك، فالعقد الذي ينص على تأبيد الإجارة عقد فاسد مفسوخ.
قال ابن المحاملي في «اللباب في الفقه الشافعي»: الأجل المضروب بالعقد على سبعة أضرب:
أحدها: عقد يُبطله الأجل، وهو اثنان: الصّرف، ورأس مال السّلَم.
والثاني: عقد لا يصحّ إلا بأجل، وهو: الإجارة، والكتابة ... اهـ.
والله أعلم.