عنوان الفتوى : الإفطار في رمضان بسبب الدوار والإغماء وتأخير القضاء
كنت حاملًا العام الماضي، وعانيت منذ بداية حملي من سكر الحمل، وكنت آخذ حقنة الأنسولين مرة واحدة، وعند دخول شهر رمضان العام الماضي حاولت الصيام، ولكني لم أكن أقوم من الفراش خلال ذلك اليوم، ولا أقوم بواجبي نهائيًّا مع أطفالي، ولا مع زوجي؛ فشقّ عليه صيامي.
حاولت إحدى المرات أن أقوم بواجباته، ولو قليلًا، ثم أنام، وأعود مرة أخرى للوقوف، ولكني عند محاولة إحضار أطفالي من الحضانة والمدرسة جلست في الشارع، وتناولت بعض الحلوى، ولم أستطع إكمال اليوم، مع العلم أن الصيام هنا يطول جدًّا -16 ساعة-، وطلب مني زوجي أن أفطر، وأكفّر فيما بعد، وذلك ما فعلت.
صمت حينها في رمضان خمسة أيام فقط، وولد طفلي بعد رمضان بخمسة وعشرين يومًا بمرض الكليتين، وبسبب دخولي المستشفى، ومرض ابني المتواصل، ومعاناتي معه بالعمليات التي قام بها، لم أستطع صيام كل الشهر، فصمت إلى الآن 13 يومًا فقط، ولم يبقَ شيء على دخول رمضان، وبإضافة 13 يومًا لما صمته من رمضان الفائت -رغم عدم تأكدي من عدد الأيام التي صمتها بالضبط، ولكني وضعت أقل تقدير خمسة-، يصير مجموع ما صمته 18 يومًا، واليوم هو الثامن عشر من شعبان، وأحسب -والله أعلم - أنه سيبقى عليّ يوم، ولن تكفي الأيام القادمة لإكماله، فهل هناك حرج في صيامي في هذا الشهر؟ وإذا بقي لي يوم، ودخل رمضان، فهل ينطبق عليّ أني أفطرت عمدًا، ولو صمت شهرين متتابعين ما أزحت عني إثم إفطاري؟ وهل عليّ إثم؟ وماذا يجب عليّ فعله؟
مع العلم أنني أفطرت رمضان، لا خوفًا عليّ، ولا خوفًا على جنيني، بل حاولت، ولم أستطع أن أكمل، وقد أسعفتني ابنتي -عمرها ثماني سنوات- يومين في فترة رمضان عندما كنت أحاول الصيام، بأن كانت تقوم بإعطائي طعامًا حلوًا عندما كان يصيبني الدوار، وبداية حدوث الإغماء، وكان أطفالي يعيشون معي لحظات ترقّب وخوف عندما أصوم، وكانت ابنتي تجهّز التمر والماء عند سريري، وتترقّب، وكانت ترفض الذهاب للمدرسة وتخاف أن يحدث لي شيء، فأفيدوني -جزيتم الجنة-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الفطر في رمضان؛ لما ذكرته من عذر المشقة، ولا يلزمك إلا قضاء تلك الأيام التي أفطرتها.
ويلزمك قضاؤها قبل دخول رمضان القادم.
فإن أخّرت صيامها لعذر؛ فإنك تقضينها بعد رمضان، ولا شيء عليك.
وإن أخّرت صيامها، أو بعضها بغير عذر حتى دخل رمضان القادم؛ فاقضيها بعده، مع كفارة لكل يومٍ نظيرَ التأخير.
وكفارة تأخير القضاء ليست صيام شهرين متتابعين -كما ظننت-، وإنما هي: إطعام مسكين عن كل يوم، ومقدار الإطعام هو: مُدٌّ -أي: 750 جرامًا تقريبًا- عند الشافعية، والمالكية، وضعف هذا المقدار -أي: كيلو ونصف تقريبًا- عند الحنابلة، وقول الحنابلة أحوط وأبرأ للذمّة.
وإنما تلزم الكفارة من كان عالمًا بحرمة تأخير القضاء.
وأما الجاهل بالحرمة؛ فلا تلزمه، وتجوز الكفارة قبل الصيام، وبعده.
وكل هذه الأحكام مفصلة في فتاوى كثيرة سابقة، تنظر منها الفتاوى: 123312، 157845، 219541.
والله أعلم.