عنوان الفتوى : من تكلّم بمقالة كفرية وبُيِّن له الخطأ فسكت، فهل يكفي ذلك لبقائه على الإسلام؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

جلسنا في مجلس مع الناس منذ عند أشهر، فقال أبي: إنه يعتقد أن من عمل عملًا صالحًا من اليهود والنصارى أنه سيدخل الجنة، ولم يكن متأكدًا عند قوله ذلك، وإنما أحسب أنه سمع هذا من بعض أدعياء العلم، وقال إن الآيات التي في القرآن ليسوا هم المقصودين بها، فأنكر عليه من في المجلس، وأخبروه بخطأ ما قاله، ولكن لم أسمع منهم أحدًا قال له: إن هذه المقالة كفر.
وبعد أن ذكرت له أن ما قاله خاطئ، وذكرت الآية: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وبدا لي أنه اقتنع، فلم يستطع الرد، ومن في المجلس قد أنكروا عليه، وهو من البداية لم يكن متأكدًا، ولم أخبره أن يتشهد؛ فأنا لم أكن أعلم أن هذه مقالة كفر، فهل يُعذر أبي بتأوّل، أو جهل؟ وهل سكوته علامة على توبته؟ وإذا كان الجواب: لا، فهل يجب عليّ أن أتكلم معه، أم أتركه؟ وهل أمشي على الأصل -وهو إسلامه-؟ وإذا كان واجبًا عليّ التكلم معه، فهل أستطيع اختيار الوقت الذي يظهر لي أنه الأنسب من حيث احتمال أنه سيستمع إلى كلامي؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام أن من كان في المجلس أنكر على أبيك قوله، وأخبره بخطئه، وكذلك فعل السائل نفسه، وذكر له الآية الكريمة، وبدا له أنه اقتنع؛ فهذا يكفي؛ فليس من شرط البيان والإنكار أن يقال له: إن هذه المقالة مقالة كفرية.

وكذلك ليس من شرط التوبة والرجوع للحق، أن يقرّ القائل بلسانه بأنها مقالة كفرية؛ فحسبه أن يعتقد الحق، ويقرّ بالباطل، ويتوب منه.

وأما مسألة العذر بالجهل، أو بالتأويل في هذه المسألة، فهو وارد ومقبول في زماننا هذا؛ لشيوع الجهل، وكثرة التحريف، والتزييف، والتلبيس من المنتسبين للعلم، كما أشار إليه السائل بقوله: (أحسبه سمع هذا من بعض أدعياء العلم)، وراجع في ذلك الفتوى: 352600.

وهنا نؤكد أن الشخص المعين لا يحكم بكفره، إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه -كالجهل، أو التأويل-، وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان ضوابط التكفير، وخطر الكلام فيه، وأنه ليس كل من وقع في الكفر، وقع الكفر عليه، وذلك في الفتاوى: 721، 53835، 65312.

وعلى ذلك؛ فلا يلزم السائل أن يعيد الكلام مع أبيه.

ولكن إن فعل ذلك بطريقة لائقة، وفي وقت مناسب؛ فهذا أمر حسن؛ ليؤكد له أن الإسلام هو دِين الله، الذي لا يقبل من أحد سواه، وعلى أنه لا يصحّ إيمان أحد إلا إن آمن بالقرآن، وأنه كلام الله تعالى، وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم النبيين. وانظر للفائدة الفتويين: 136005، 312823.

والله أعلم.