عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في وصل الشعر بشعر مستعار
أنا فتاة في التاسعة عشر من العمر، وقد حدث أن حضرت عرس إحدى قريباتي قبل فترة من الزمن، ومن المعروف أن الفتيات يجتمعن قبل هذه المناسبات ليتجملن، ويقمن بالاستعداد للمناسبة، وفي هذه الجلسة كان بعض من الفتيات يقمن بوصل الشعر المستعار بضفائرهن، والله يعلم أني مدركة لحرمة وصل الشعر، وحديث لعن الواصلة والمستوصلة، بل إحدى الأخوات ذكرتنا به.
وبينما نحن نتسامر كنت جالسة بجانب فتاة تصل شعر الأخرى، وأخذني الفضول، وصرت أراقبها حتى أنني نسيت نفسي، وصرت أعلق على عملها، وأنصحها بأن تفعل كذا، وكذا، ولما لم تفهم طلبت مني أن أوضح لها، فضفرت لإحدى الأخوات خصلة من الشعر المستعار؛ لأوضح لها قصدي (ناسية، أو غافلة أني بذلك أرتكب خطأ كبيرا). ثم أزلت الضفيرة، ونسيت الأمر.
لكن تذكرت بعد فترة ما حدث، وأدركت أني أخطأت، ومنذ ذلك الوقت والأمر يؤرق مضجعي، وأخاف أن أكون بذلك قد دخلت في لعنة الله.
فأفيدوني، أثابكم الله. ماذا أفعل؟ وهل يمكن أن أكفر عن خطئي؟ وكيف أكفر عنه إن أمكن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالشعر المستعار شعرا صناعيا، فسكوتك عما شاهدتِه من صديقتك، ومشاركتك لها ينبني على نوعية ذلك الشعر الصناعي، لأن منه ما هو مصنوع من شعر الآدمي
جاء في الموسوعة العربية العالمية: تصنع الشعور المستعارة ذات النوعية الراقية من أفضل أنواع الشعر البشري. اهـ
والوصل بهذا النوع من الشعر الصناعي محرم؛ لأنه وصل بشعر الآدمي.
قال ابن قدامة في المغني بعد ذكره لجملة من الأحاديث التي فيها لعن الواصلة والمستوصلة: فَلَا يَجُوزُ وَصْلُ شَعْرِ الْمَرْأَةِ بِشَعْرٍ آخَرَ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ. اهــ.
وتعليمك لتلك المرأة كيف تصل شعر صديقتها هو مشاركة منك في ذلك المنكر، بل مجرد سكوتك، وعدم نهيها منكرٌ تجب التوبة منه، والتوبة تكون بالندم، والعزم على عدم العودة مستقبلا إلى ذلك الذنب؛ سواء كان بالمشاركة، أو بالسكوت عنه، ونرجو أن يكون خوفك ندما يحملك على تحقيق التوبة، وأي ذنب تاب منه فاعله، فإن الله تعالى يقبل توبته.
وأما إن كان الشعر الصناعي مصنوعا من شيء آخر غير شعر الآدمي؛ كالشعر المصنوع من صوف الضأن، أو شعر المعز، أو غير ذلك؛ فهذا يجري فيه خلاف الفقهاء في وصل الشعر بغير شعر الآدمي.
فمنهم من ذهب إلى تحريمه، ومنهم من قال بجوازه.
ومنهم من فرَّق بين الشعر النجس؛ كشعر الميتة؛ فيحرم، وبين الشعر الطاهر فيباح.
ومنهم من أجازه للمتزوجة دون العزبة، ولا شك أن الأحوط اجتنابه، واجتناب الإعانة عليه، ولا نرى أنه يجب عليك الإنكار على من وصلت شعرها به في هذه الحال.
والله أعلم.