عنوان الفتوى : هل شراء ساعة للزينة مع امتلاك غيرها يُعَدُّ من الإسراف؟
أحب الساعات، وأكثر ما أحبه أن أتزين أمام الناس بلبسها. أنا لدي ساعات، ولكن أريد أن أشتري ساعة، وهي ليست غالية، سعرها رخيص.
فهل هذا من الإسراف أن أشتري ساعات رخيصة، وأنا أملك ساعات أخرى، ولكن هي من أجل الزينة أكثر شيء، وأنا رجل؟
وشكرا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بالزينة من غير إسراف، فقد قال الله تعالى: يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف: 31}.
وقال مادحاً عباده المؤمنين، واصفاً لهم: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان 67}.
قال ابن كثير -رحمه الله-: أي ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصرون في حقهم، فلا يكفونهم، بل عدلاً خياراً، وخير الأمور أوسطها. اهـ.
ويخشى على من عنده عدة ساعات، واشترى ساعة أخرى من أجل الزينة فقط أن يكون مسرفا،
إذ يمكنه التزين بغيرها، وبذل ثمنها في واجب النفقات على العيال، أو مصالح المسلمين؛ لأن الإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات، بالمبالغة في أكلها، أو شربها، أو غير ذلك من الاستخدامات، فقد قال ابن عابدين في رد المحتار: الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي. انتهى.
وقد صرح جمع من العلماء المحقققين بحرمة الإسراف، فقد قال السرخسي في المبسوط : وأما السرف فحرام، لقول الله تعالى: وَلا تُسْرِفُوا، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا [الفرقان:67]. وذلك دليل على أن الإسراف، والتقتير حرام، وأن المندوب إليه ما بينهما. انتهى.
وقال الخادمي في بريقة محمودية -حنفي-: اعلم أن الإسراف حرام قطعي؛ لثبوته بقطعي، ومرض قلبي، وخلق رديء، دنيء .... انتهى.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد، وهو من العدوان المحرم. انتهى.
والله أعلم.